الصفقة التي تبرز قطاع التكنولوجيا العليا الإسرائيلي
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•عملية الاستحواذ العملاقة على شركة "موبيل آي" (Mobileye) التي قامت بها شركة "إنتل" (Intel) [المنتجة للشرائح الإلكترونية] هي فصل إضافي في رواية النجاح غير المسبوق لقطاع التكنولوجيا العليا الإسرائيلي. وأبعد من تفاصيل الصفقة نفسها، يمكن أن نستشف بعض الحقائق. 

•أولاً، نحن شهود مجدداً على عملية نضوج صناعة التكنولوجيا العليا المحلية. وفضلاً عن عمليات خروج (exits) [انتقال المنتج إلى شركة أخرى] سابقة لشركات ناشئة [start-ups]، نشهد أكثر فأكثر شركات إسرائيلية مثل "موبيل آي" تؤسَّس كشركة متكاملة، مستقلة، ورائدة للقطاع الذي تنشط فيه. وفي هذه الحالات، إذا وعندما يتم شراء الشركة، تجري العملية على نطاق وبشروط مختلفة كلياً عن شراء شركة تكنولوجية ناشئة تنشط على مستوى ضيّق. فهل كنّا نفضل من منظور الاقتصاد [المحلي] أن تواصل شركة "موبيل آي" عملها كشركة مستقلة؟ ربما، ومع ذلك لا ريب في أن مجلس إدارتها فعل الشيء الصحيح لمصلحة المساهمين.  

•النقطة الثانية هي قوة منظومة الابتكار الإسرائيلية وتحديداً التنوع والترابط بين مكوناتها. إن التفاعل بين مؤسسات أكاديمية رائدة وشركات ناشئة وشركات متعددة الجنسية وشركات متوسطة الحجم وشركات سريعة النمو- جميعها ضمن نظام مترابط (ecosystem) صغير نابض بالحياة كالذي في إسرائيل- يثمر روابط ويولد قيمة اقتصادية هائلة. ووجود لاعب اقتصادي رئيسي مثل شركة "إنتل" في إسرائيل يسهم في تطوير الاقتصاد سواء مباشرة من خلال زيادة فرص العمل لآلاف المستخدمين وتدريبهم، أو بشكل غير مباشر من خلال الطاقة الكامنة في تنويع مجالات التعاون مع لاعبين آخرين في منظومة الابتكار على نحو ما نشاهد الآن. 

•ثالثاً، في عالم الابتكار تسقط الجدران بسرعة فائقة بين التقنيات والأسواق المتعددة. في الماضي غير البعيد كانت شركات الشرائح الإلكترونية تنتج شرائح، وشركات السيارات تصنع سيارات. إنّما في السنوات الأخيرة، وأتوقع استمرار هذا الاتجاه العام وتكثيفه، نشهد دمجاً بين تقنيات تفرض على شركات فائقة التكنولوجيا وكبيرة الحجم أن تطور مجموعة كاملة من منتجات مكمّلة في أسواق متعددة. وسوق المركبات نموذج لافت لهذا الأمر. فمنذ سيارة فورد من طراز "تي" (Model T) التي صنعت قبل أكثر من مئة عام، كانت التغييرات في عالم السيارات كمية في جوهرها، لكن طراز السيارات بقي على حاله. أما السيارات الحديثة المزودة بأنظمة رؤية حاسوبية (computer vision) وتعتمد على ذكاء اصطناعي (deep learning) وبيانات ضخمة (Big Data)، فهي تشكل تغييراً نوعياً. وهذه السيارات عملياً هي كمبيوتر ضخم يسير على عجلات، ويلغي الحاجة إلى "الكمبيوتر" الذي كان يأخذ القرارات حتى الآن، أي إلى سائق السيارة. من سيقود تطوير هذه السيارات الحديثة؟ هل هي شركات السيارات التقليدية؟ شركات الكمبيوتر؟ شركات متخصصة في إنتاج أنظمة رؤية حاسوبية؟ الإجابة هي سباق تنافسي هائل بين شركات عملاقة يفرض عليها شراء وتطوير معرفة وتقنيات في مجالات عدة.   

•وهناك نقطة إضافية تتعلق بأهمية العلوم في عالم التكنولوجيا، وبالذات في الحقبة التي يسود فيها انطباع بأن العديد من عمليات التطوير التكنولوجي تتمحور حول تطبيقات تأسست على قاعدة تقنيات سابقة. وهنا تبرز حالة شركة "موبيل آي". فهذه الشركة تشهد على أن الدمج بين علم متميز مبني على تميز بحثي (تحية إلى البروفسور أرنون شعشواع لرحلته الطويلة من مختبرات الجامعة العبرية إلى الصفقة) ومبادرات تكنولوجية وبناء شركة أعمال بمجهود سيزيفي، يولّد قيمة هائلة.