•بعد نشر تقرير مراقب الدولة هناك ثلاث نقاط أود التطرق إليها:
1- النتيجة النهائية للعملية. وفقاً للتقرير، فإن كل الاستعدادات وطريقة تصرف الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي، كان يشوبها الخلل وتضمنت تقصيراً واحداً كبيراً جوهره الأنفاق. صحيح أن التقرير يبرّئ الجنود والقادة عندما يشير إلى شجاعتهم، لكنه عملياً ينتقد بشدة كل القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي. ورسالته هي: الجيش أخفق. من المحتمل جداً أن يكون التقرير محقاً في بعض الأمور، لكن في رأيي، إن ما يحسم في نهاية الأمر هو النتيجة النهائية للحرب بناء على الهدف المركزي الذي حدده لها المستوى الأعلى الذي يتخذ القرارات. لقد كان الهدف ضرب "حماس" بقوة كي ترتدع لأطول مدة زمنية ممكنة. وقد حقق الجيش هذا الهدف. فنحن نشهد منذ عامين ونصف العام فترة من الهدوء لم يسبق لها مثيل حيال قطاع غزة. كما أنها الفترة الأكثر هدوءاً منذ سيطرة "حماس" على القطاع. في زمن الحرب ضد تنظيمات إرهابية، وكيانات إرهابية، فإن هذا هو الهدف المعقول والممكن التحقيق؛ من خلال العمل على تكبيد العدو ثمناً باهظاً قدر الإمكان. وليس الهدف إخضاع العدو نهائياً ولا تدمير قدرته على إعادة البناء، لأن معنى ذلك عدم هدوء دائم.
بالطبع هناك أهداف أخرى، هي في رأيي غير واقعية ومكلفة جداً، منها القضاء على "حماس". من المحتمل أن يأتي يوم يصبح ذلك هو الهدف نظراً إلى عدم وجود خيار آخر. لكن الثمن بالنسبة إلينا سيكون مرتفعاً جداً، والأخطر من ذلك هو ضرورة بقائنا داخل وكر دبابير متمثل في مليوني فلسطيني. وهناك ما يسمونه "خيار سياسات" و"إعادة إعمار". في رأيي هذه أضغاث أحلام ما لم تغير"حماس" جلدها، وحتى الآن ليس هناك تغير.
كما طرح ادعاء مفاده أنه حتى الآن لم يجر أي نقاش استراتيجي لمسألة ماذا نريد من قطاع غزة ومن "حماس". هذا صحيح، يجب إجراء مثل هذه النقاشات. لكن من يتذكر متى أجرت دولة إسرائيل في كل حروبها منذ 1967 نقاشاً استراتيجياً تفصيلياً ومعمقاً في موضوع ماذا تريد إسرائيل من جيرانها؟ هل جرى نقاش قبل اتفاقات أوسلو؟ وهل جرى نقاش قبل الانفصال عن قطاع غزة؟ يبدو أن ما يجري الحديث عنه مرض عضال.
2- دور المجلس الوزاري المصغر. إن المجلس الوزاري المصغر هو في أساسه ذو طبيعة سياسية غير مهنية، وهو ليس مجلساً حربياً يضم أشخاصاً خبراء في قضايا الأمن. لذا، من الواضح أنه من غير المطلوب منه الاهتمام بموضوعات عسكرية وتكتيكية، بل بموضوعات سياسية على المستوى الاستراتيجي، والحصول على أفضل مساعدة من هيئة الأمن القومي. لكن ما العمل عندما تكون الشؤون التكتيكية والعملياتية أكثر إثارة للاهتمام. والأهم: هي جيدة للتسريب. إن أسوأ مرض يعانيه مجلس وزاري سياسي مصغر هو التسريبات. وما العجب في أن المستوى الأعلى لمتخذي القرارات في دولة إسرائيل كان على الدوام يضم عدداً محدوداً جداً من الشركاء في السر؟
3- الخبث والتسييس. الموضوع كله كان عرضة للتسييس وبالتالي إلى الخبث. "حماس" طوال الوقت تقول إنها انتصرت في الحرب. واليوم يأتون عندنا ويعززون موقفها. غضبي كبير على بعض السياسيين وبعض الألوية (الجنرالات) الذين يبصقون في البئر التي شربوا منها. هؤلاء على الأقل قاتلوا وساهموا كثيراً في ضمان أمن إسرائيل. لكن من جهة أخرى، لا أستطيع ألا أعبر عن ازدرائي العميق للسيدة زهافا غالئون الناشطة السياسية، التي قالت عن رئيس الأركان آنذاك بيني غانتس ووزير الدفاع موشيه يعلون وأيضاً عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذين خاطروا بحياتهم في الجيش الإسرائيلي، إنهم "عديمو الشخصية" بسبب الطريقة التي أداروا فيها المعركة في عملية "الجرف الصامد".