•سيُنشر تقرير مراقب الدولة المتعلق بـعملية "الجرف الصامد" في الأيام المقبلة، وترجح التقديرات أن يقرر أن أحداث ذلك الصيف كانت نتيجة الاستخفاف بالعدو، وعدم الاستعداد المتواصل للجيش الإسرائيلي تحت رقابة رئيس الأركان غانتس، والإهمال في المراقبة من جانب وزير الدفاع السابق يعلون. لقد تحرك المقاتلون وقادة الميدان بصورة جيدة، وبشجاعة وتصميم، والذي فشل هو القيادة العليا للجيش ووزير الدفاع.
•في عملية "الجرف الصامد" التي سميت لاحقاً "حرباً" من أجل تبرير نتائجها الإشكالية، تحرك الطرفان من خلال موازين قوى بحجم 1000 في مواجهة 1 على الأقل. جيش إسرائيلي ذو خبرة ومزود بالسلاح في مواجهة ميليشيا حمساوية متخندقة في الأرض ومزودة بسلاح بدائي. من هنا، فإن الفشل العسكري خطير. إن موازين القوى الاستثنائية أدت إلى إنجاز جزئي جداً، وهذا يساعد الذين يريدون طمس الفشل. يتعين علينا استخلاص دروس حقيقية من أجل الاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل في مواجهة أعداء أقوياء وأكثر تصميماً بعشرات المرات.
•الجيش الإسرائيلي جيش انتصر في الوقت نفسه على أكثر من عدو في حروب إسرائيل. لقد فوجئ الجيش بفيالق مصرية هائلة في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، لكنه خلال 3 أسابيع قلب الأمور رأساً على عقب وانتهت الحرب بوصول الجيش إلى بعد 101 كيلومتر عن القاهرة وليس عن تل أبيب.
•إن اختبار غزة هو الأسهل من بين التحديات والحروب التي من المحتمل أن نخوضها. ففي "الجرف الصامد" كان مستوى التحدي العسكري متدنياً وشكّل تحدياً بسيطاً نسبياً بالمقارنة مع التحديات التي تتربّص بنا، لكن على الرغم من ذلك تجاوزنا هذا التحدي بصعوبة. يتساءل الأعداء من حولنا ماذا سيحدث إذا ارتفع مستوى التحدي إلى حده الحقيقي في إطار حرب حقيقية في مواجهة قوات أقوى. من المحتمل أن يجروا حساباتهم بما يتلاءم مع ذكرى هذه المعركة الفاشلة. لقد كان من المفترض أن تكون معركة محدودة من نوع "الجرف الصامد" قصيرة، نوعية وغير مكلفة بالإصابات والموارد. لكنها كانت طويلة، فاشلة ومكلفة جداً بكل المعايير.
•من المنطقي افتراض أن وزير الدفاع ورئيس الأركان السابقين كانا على علم بالأنفاق. كل مواطن يعلم أنهما كانا يعرفان، فقد ظهرت صور هذه الأنفاق في الصحف. وعلى الرغم من ذلك لم نفعل شيئاً من أجل التحضير ولم نشتر العتاد اللازم ولم نطوّر وسائل قتالية، ولم نُعدّ خططاً، والقوات لم تُدرّب. إن مهمة الجيش الاستعداد والتزود بالسلاح، ومهمة وزير الدفاع المتابعة ووضع جدول أولويات. ومن واجبهما إعداد عدة بدائل وتقديمها إلى المجلس الوزاري المصغر قبل الحرب وخلالها. إن رئيس الحكومة والمجلس يستهلان المعركة من نقطة البداية التي يطرحها أمامهما رئيس الأركان ووزير الدفاع بشأن إعداد الخطط وتدريب القوات وشراء وسائل القتال.
•إنما من جراء إهمال غانتس ويعلون لعملية الإعداد، فهما وضعا أمام المجلس الوزاري المصغر، وفقاً لما نُشر سابقاً، خيارين: خيار " تقريباً لا شيء"، وخيار" تقريباً كل شيء". في الاحتمال الأول الإنجاز متواضع، وفي الثاني الثمن مرتفع جداً. وليس صعباً أن نفهم سبب اختيار المجلس الوزاري المصغر الاحتمال الأول. لقد دارت الحرب ضد الأنفاق بصورة مرتجلة وتخطيط متعثر في مواجهة تهديد معروف، وكلفنا هذا الارتجال ثمناً غالياً.
•تضع دولة إسرائيل وقادتها بين يدي رئيس الأركان ووزير الدفاع ما هو أغلى من أي شيء: عشرات الآلاف من الشبان والشابات الذين يتجندون سنوياً في الجيش الإسرائيلي، كما تضع في متناولهما أكثر من 70 مليار شيكل سنوياً، وصلاحيات واسعة تتعلق بموضوعات مهمة جداً. وتوضع هذه الموارد الضخمة بين أيديهما من أجل هدف واضح - أمن الدولة والمحافظة على سيادتها والدفاع عن السكان.
•ينكبّ آلاف الجنود والقادة طوال الوقت على الاستعداد لمواجهة سيناريوات أخطر بكثير من معركة صيف 2014. ويجري شراء طائرات متطورة، وسفن حديثة ووسائل قتال برية، رداً على تهديدات خطيرة وما هو أهم بكثير من القتال ضد "حماس".
•يجب أن تكون هذه المعركة بمثابة ضوء أحمر ينبهنا إلى الاستعداد لما هو آت. إذا كنا نحرص على الحياة فيجب أن نستخلص دروساً حقيقية، ولا يجب أن نرى في نتائج العملية إنجازاً، وويل لنا إذا ثقفنا أجيال المقاتلين المقبلين بأننا "نجحنا".
•إن أرواح المقاتلين هي ثروة حيوية وغالية في كل معركة، وهم هذه المرة أيضاً يستحقون كل الثناء. ولكن حتى أفضل المقاتلين يحتاجون إلى قيادة كفوءة وشجاعة ومناسبة، وهذا لم يكن موجوداً في عملية "الجرف الصامد". وزير الدفاع يعلون ورئيس الأركان غانتس فشلا.