من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بنيامين نتنياهو فخور بالجدار الذي بناه على طول الحدود مع مصر. ويربّت على كتف دونالد ترامب ويثني عليه لأنه تبنى الفكرة الإسرائيلية الذكيّة التي منعت منعاً باتاً دخول آلاف اللاجئين والمهاجرين من العمال من دول أفريقيا إلى إسرائيل. لكن رئيس الحكومة بخلاف ترامب شخص إنساني، فهو يغلق بيد حدوداً ويسمح بالأخرى لمئة طفل سوري بالدخول على الرغم من خطر تحول هؤلاء الأولاد الذين سيستوعبون ويكبرون في القطاع العربي إلى أعداء لإسرائيل، مثل القطاع كله.
•لكن بدلاً من أن يخرج الجمهور إلى الشوارع مع هتافات تأييد لرئيس حكومته الممتازـ ويتباهى هو أيضاً بأن رئيس العالم تبنى فكرة إسرائيلية ذكية، فإنه يتثائب. هنا ليست أميركا. هناك عشرات الآلاف يخرجون إلى الشوارع والآلاف يحتشدون في المطارات، وتشتعل وسائل التواصل الاجتماعي بالغضب والإدانات، وحتى أعضاء في الحزب الجمهوري رفعوا أصواتهم ضد الجنون الذي استولى على البيت الأبيض.
•لكن في إسرائيل صمت مطبق. وحدها الصحافة البولشفية التي لا تستطيع رؤية الذكاء، وتعتبر الصداقة بين الرفاق فساداً، وتدق إسفيناً بين أمن الدولة والأمن الاقتصادي لكبار مسؤوليها، تواصل النباح.
•في الواقع، فإن نصف الجمهور الأميركي وفقاً للاستطلاعات الأخيرة يؤيد خطوات ترامب التي تقشعر لها الأبدان، ولا يريد ناخبوه أن يروا أمام أنظارهم إسباناً ولا ليبيين ولا مغاربة ولا عراقيين ولا يهوداً وإسرائيليين. كل من هو غريب عليه أن يرحل. هم يقولون إن أميركا للأميركيين، والمطلوب لون واحد وصوت واحد وربما لباس واحد. لكن النصف الآخر لا يتنازل بسهولة. صحيح أنه لم "يفز في الانتخابات العامة بـ"الـ 30 مقعداً" [التي كان من شأنها أن تحرم ترامب من الغالبية الجمهورية في الكونغرس الأميركي]، هذا الشيك المفتوح الذي اعتبرت ميري ريغيف أنه يسمح لها بالتصرف برعونة، وربما هو ما يزال يشعر بالمرارة بسبب الكارثة التي أصابته، لكنه لا يسكت. فهو يتأثر بما يسمعه وما يراه، ويتصرف كأنه في عشية "ربيع عربي". هو يخرج إلى الشوارع، يرفض، يعبئ، يتظاهر، يطلق الشعارات، ويقدم طلبات الاستئناف إلى المحاكم. إنه نصف الجمهور الذي ليس مستعداً لأن تفلت من يديه القيم الأميركية التي شبّ عليها. وعندما يعتبر ممثلو الجمهور الأمر الرئاسي المتوحش "غير أميركي"، فإنهم يقصدون بذلك التناقض بين ما يمثل في نظر الأميركيين تمثال الحرية، وجدار الفصل الذي يقيمه ترامب في وجه بؤساء العالم.
•وعندنا، ماذا يحدث ؟ هنا لا يخرجون إلى الشوارع في برد شهر كانون الثاني/ يناير. في الدول العربية فقط يقومون بثورة في كانون الثاني/يناير دفاعاً عن القيم، والتظاهرة المتخيلة الوحيدة هي الجلسة الكئيبة أمام شاشة التلفزيون ما بين الساعة الثامنة والتاسعة مساء في انتظار نشرة الفساد اليومية. ومن يقدم الاعتراضات ضد السياسات المجنونة لحكومة الخطر الوطني هم في أحسن الأحوال منظمات حقوق الإنسان، و"محبو العرب"، و"كارهو إسرائيل". يحدث هذا على الرغم من أن نصف الناخبين في إسرائيل يعتبرون من معارضي نتنياهو ، وحتى في الليكود ما تزال توجد جزر من التعقل والقيم، ومن يلتزم بها ينظر كل يوم إلى المرآة ويذرف دمعه. هل خرج أحد إلى الشارع وهو يحمل لافتة؟ أو سجل اعتراضاً؟ أو أرسل تغريدة [إلى الشبكة العنكوبية؟ لا بأس، اليسار قاعد في الزاوية وينوح على دمار الهيكل، لكن أين المجد الوطني لليكود الذي انجرّ كخرقة بالية وراء قضايا زعيمه السياسية والأخلاقية؟
•ترامب هو توأم نتنياهو، وباستثناء لون شعره، فلديهما قيم متشابهة، وهما يعتقدان أنهما وحدهما لديهما الصيغة السحرية التي ستعيد المجد لدولتيهما. والاثنان متأكدان من أن وسائل الإعلام تنظيم إرهابي، وأن الجمهور لا يدرك مدى عظمتهما. وعلى الرغم من ذلك، ما يزال ترامب يخطو بتثاقل وراء نتنياهو، وفقط عندما يستوعب أن الجمهور غبي ومسحوق وتافه، يكتمل التمازج بينه وبين نتنياهو.