من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•منذ الآن المثير للانتباه أن نرى أنه تحت حماسة الحكومة الإسرائيلية لتولي دونالد ترامب الرئاسة، يختبئ خوف، مع أنه ما يزال مكبوتاً. والخوف ليس من احتمال أن يغير ترامب مواقفه وينتهج أسلوب رجل الأعمال حيال إسرائيل. على العكس من ذلك، تشير الأيام الأولى من استلامه منصبه إلى أن ترامب الرئيس لن يكون مختلفاً كثيراً عن ترامب المرشح للرئاسة.
•ينبع الخوف تحديداً من التقدير بأنه قد يتضح أن ترامب بالفعل مخلص لإسرائيل وسيحقق وعوده. وكلّما ازدادت التقارير التي تتحدث عن تفكير الإدارة الأميركية بنقل سفارتها إلى القدس، كلّما أخفى نتنياهو نياته بشأن هذا الموضوع. بالإضافة إلى ذلك، نُشر مؤخراً في وسائط الإعلام أن رئيس الحكومة اجتمع مع المؤسسة الأمنية للبحث في سيناريوات محتملة لاندلاع اضطرابات.
•وحتى اقتراح ضم معاليه أدوميم الذي يشجعه يائير لبيد، فقد طلب نتنياهو تأجيله، وليس هذا صدفة. يدرك نتنياهو ما يعرفه أنصار اليمين في قرارة أنفسهم: من المريح نشر الأوهام في ما يتعلق بالمناطق، والتحجج بأطراف مختلفة مثل إدارة باراك أوباما كذريعة لعدم الضم. لكن الواقع، إسرائيل بحاجة إلى إدارة أميركية معتدلة قادرة على التوسط، لأنه من دون ذلك سينكشف الكذب: إسرائيل، حتى مع تأييد قوة عظمى كبيرة، يمكن أن تخسر من وزنها عندما يحكمها شخص يريد استعادة عظمتها، ولن تصمد في المنطقة إذا انتهجت سياسة تقوم على القوة وأحادية الجانب.
•من سخرية الأقدار أن يتضح أن ترامب ليس منقذاً لليمين بل نقمة عليه. والحقيقة أن الارتباط بالمناطق [المحتلة] يمكن أن يدوم فقط ما دام غير قابل للتحقيق. يتباهى نتنياهو، وعن حق، بالعلاقات التي نسجها من وراء الكواليس مع دول عربية سنية. لكن السعوديين والمصريين والأردنيين وبالتأكيد كذلك الفلسطينيون، لن يقبلوا بالضم الأحادي الجانب للمناطق [المحتلة]، ولن يقبلوا بالتأكيد بتغيير مكانة القدس. كما أن المواجهة مع العالم الإسلامي على أقدس المقدسات أمر حتى الولايات المتحدة لا تستطيع إنقاذ إسرائيل منه.
•من الواضح أن ترامب ليس أحمقَ. وقد انتخب ليس لكونه ديماغوجياً فقط، بل لأنه كشف عن بعض عيوب الليبرالية وعلل النظام الأميركي في الزمن الحاضر. وبفطنة، ركز في خطاب التنصيب على التعهد بالعمل من أجل "الشعب" أي من أجل الأميركي المتوسط. وبينما تركز النقاش الليبرالي على حقوق الأقليات، ولدت "أغلبية محرومة"، هي الطبقة الوسطى الدنيا التي أهملت.
•إنّما ترامب جيّد في معرفة المشكلات، ولكنه سيئ في حلها. وعده بأن يجعل المصانع تعمل في الولايات المتحدة فقط هو فكرة جيدة، لكنها لا تنسجم مع واقع الاقتصاد العالمي والسياسة النيوليبرالية. ليس في استطاعة أي مصنع أن يصمد إذا عمل بخلاف شروط السوق، وما لم يحدث تغيير اقتصادي عالمي جذري قريب من الصيغة التي اقترحها بارني ساندرز [مرشح الحزب الديمقراطي الذي خسر أمام هيلاي كلينتون]. وترامب الذي جمع ثروته من خلال استغلال المبادئ النيوليبرالية ليس مستعداً لذلك. وحتى النزاع [الإسرائيلي - الفلسطيني] بحاجة إلى نموذج جديد. ومن الغريب الاعتقاد أن الدعم الأحادي الجانب لتطلعات اليمين الإسرائيلي سيفتح من جديد الطريق نحو السلام.
•ترامب هو الرجل غير المناسب في الوقت المناسب. وتوليه منصبه مفيد في تعليم جمهوريين وإسرائيليين متحمسين الاعتراف بأن الواقع أكثر تنوعاً بكثير من قاموس كلماته.