•هجوم الدهس الذي وقع اليوم (الأحد) وأدى إلى مقتل أربعة جنود في حي أرمون هَنَتسيف هو استمرار لموجة الهجمات الفردية العفوية، أو المخطط لها جزئياً، والتي بدأت في هذا الحي في القدس، من خلال رشق للحجارة أدى في أيلول/سبتمبر 2015 إلى مقتل ألكسندر ليبلوفتس.
•تعتبر المؤسسة الأمنية ما يجري "إرهاباً شعبياً"، وفي المقابل يفضّل رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن مصطلح "مقاومة شعبية"، الأمر الذي يتيح له في خطاباته العلنية دعوة الفلسطينيين إلى الامتناع عن استخدام السلاح الناري، وفي الوقت عينه منح الشرعية وحتى تشجيع رشق الحجارة والزجاجات الحارقة وعمليات الدهس التي بسببها قُتل وجُرح عدد غير قليل من الإسرائيليين.
•تخدم "المقاومة الشعبية" جيداً أبو مازن والناطق بلسانه صائب عريقات، فهي تبقي الموضوع الفلسطيني في وعي الإعلام العالمي، وتساهم في استراتيجية "الانتفاضة السياسية" الفلسطينية، وتولّد شعوراً بالإلحاح في الساحة الدولية.
•وعلى هذه الخلفية من المهم الإشارة إلى ثلاث حقائق تساعد في فهم توقيت هجوم اليوم وأسلوبه:
1-خلال نهاية الأسبوع الأخير شنت السلطة "هجوم" توعية إعلامياً ضد نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس. وكان هدف الحملة ردع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي بدأ موظفوه في فحص التفاصيل التقنية على الأرض. وقام أبو مازن بضربة وقائية عندما طلب من الخطباء الفلسطينيين في المساجد أن يعملوا في خطبة صلاة يوم الجمعة على رفع موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس من موضوع سياسي إلى مستوى موضوع ديني يجب على المسلمين كلهم الوقوف ضده، ومغزى ذلك دعوة إلى الجهاد. وليس هذا كل شيء، فأبو مازن شخصياً وصائب عريقات خطبا وهدّدا بانفجار العنف إذا نفذ ترامب نيته، ولقيا تشجيعاً من وزير الخارجية جون كيري الذي تحدث في مقابلة أجرتها معه شبكة الـCNN عن "كارثة حتمية"، وأضاف وزير من حكومة الأردن تهديداته هو كذلك. ونظراً إلى أن سائق الشاحنة قُتل، فمن الصعب التأكد مما إذا كان التحريض الذي بادر إليه أبو مازن دافعاً مباشراً للهجوم أم لا، لكن بالتأكيد يمكن تقدير أن هذا التحريض شكل إلهاماً وحدد التوقيت.
2- وشكل هجوم الدهس الذي وقع في برلين عشية عيد الميلاد بواسطة شاحنة، وكذلك هجوم نيس في فرنسا السنة الماضية، على ما يبدو، نموذجين للمحاكاة في عقول المسلمين المتشددين. وحتى نتنياهو أكد ذلك عندما قال إن جميع المؤشرات تدل على أن المخرب من مؤيدي داعش. وتشكل شاحنة ثقيلة أداة متاحة وفتاكة ولا تتطلب إعداداً خاصاً. وكما في إسرائيل كذلك في أوروبا، فإن العديد من سائقي هذه الشاحنات الثقيلة هم من المسلمين، ومن المتمكسين بدينهم، وما لم يرتكبوا جريمة فهم يتمتعون بحرية الحركة، ولديهم القدرة على الوصول إلى ضحاياهم. وحتى لو كان في ذلك اليوم حاجز للشرطة من أجل إيقاف سائق شاحنة الدهس التي كانت في طريقها إلى أرمون هنتسيف، فمن شبه المؤكد أن هذا الحاجز كان سيسمح له بمواصلة طريقه.
3-يقع حي أرمون هنتسيف على خط التماس المقدسي، وهو مكان مستهدف للمشكلات. وهذا الأمر يجب أن يؤخذ في الحسبان عند التخطيط للرحلات أو للمناسبات في المنطقة. وبالإمكان الاستماع إلى شروح عن المنظر والبيئة المحيطة أيضاً من مكان ليس من السهل الوصول إليه عبر طرق المواصلات الرئيسية. وينطبق هذا ليس على المتنزه في أرمون هنتسيف فقط، بل وأيضاً على المتنزهات في أماكن أخرى أثناء في الأوقات الحرجة. وفي الإمكان تقليص أذى مثل هذه الهجمات بواسطة تقويم وإدارة صحيحة للمخاطر.
•يتضح من التحقيق الأولي الذي قامت به قاعدة التدريب رقم 1 ومن التحقيق على الأرض، أن الجنود تصرفوا كما كان متوقعاً منهم ويمكن رؤية ذلك من خلال عدد الطلقات التي أصابت الزجاج الأمامي للشاحنة. ولو أطلق جميع الجنود النار لوقعت هناك عملية قتل جماعية.