•ستكون السنة المقبلة سنة الكثير من التواريخ. مرور 120 عاماً على المؤتمر الصهيوني الأول (الذي لو تحققت رؤيا هيرتسل بعد خمس سنوات منه وليس بعد 50 سنة، لكان في الإمكان إنقاذ الكثير من اليهود من المحرقة وحتى ربما منع وقوعها)، ومرور 100 عام على وعد بلفور (الذي حقق هدف هيرتسل في الحصول على وعد من دولة عظمى بإقامة دولة اليهود)، ومرور 70 عاماً على حرب الأيام الستة التي حملت إلينا ربحاً وإنقاذاً، لكنها ورطتنا في السيطرة على شعب آخر، وهي تواصل تعريضنا لخطر خسارة الأكثرية اليهودية في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
•سيبدأ العام الجديد بسؤال في شأن ما ستكون عليها السنة نتيجة القرارين السياسيين الحاسمين والأكثر أهمية في سنة 2016: قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترامب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة؟ هل سيحقق ترامب الكلام غير المتوقع الذي قاله أثناء معركته الانتخابية؟
•هل سينقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس ويتجاهل تحذير الخبراء من انعكاسات القرار على النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وعلى العالم العربي؟ هل سيكون أكثر ليبرالية إزاء انتشار السلاح النووي في العالم؟ هل سيقرر عدم صرف أموال الميزانية الأميركية على الدفاع عن أوروبا ويسمح بانهيار حلف شمال الأطلسي؟
•هل سيطرد فعلاً المسلمين والمهاجرين من بلاده؟ وهل سيبني جداراً طويلاً ومرتفعاً بين الولايات المتحدة والمكسيك؟ وماذا ستكون نتيجة علاقاته الجيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين؟ هل سيكون في الإمكان التوصل بموافقة الدولتين إلى وقف سفك الدماء في سورية؟ وهل من الممكن تسوية الوضع في أماكن أخرى من العالم حيث تتواصل نزاعات قاسية (أوكرانيا على سبيل المثال)؟ أم سيتضح أن التعارض الجوهري في المصالح بين أميركا وروسيا سيتغلب على المسعى الشخصي لتحسين العلاقات؟
•في سنة 2017 سنعرف مغزى "أميركا أولاً". هل سيتنازل الرئيس الجديد عملياً عن المحور التاريخي بين بلده وأوروبا؟ وهل سيشجع انهيار الاتحاد الأوروبي الذي كان السند الأكثر وفاء للولايات المتحدة خلال الـ70 عاماً الأخيرة؟ هل ستنغلق أميركا الآن على نفسها، وتقيم أسواراً حولها من الرسوم والعوائق الجمركية المختلفة؟ وهل ستعيد جنودها من الأماكن الكثيرة التي ينتشرون فيها في العالم وتقول للعالم الذي خارجها أن يتولى شؤونه بنفسه؟
•هل فوز ترامب تعبير حاد عن ثورة الجمهور ضد المؤسسة الحاكمة بغض النظر عن هويتها، وعن استعداده للمراهنة على أشخاص من خارج الدائرة السياسية "للأبواب الدوارة" بين مؤسسات النواب والأكاديميا وجمعيات القطاع الثالث؟ وهل من المتوقع تحديداً من شخص ليست لديه خبرة في العمل العام وكان طوال حياته ينظر إلى المؤسسات الحاكمة من الخارج، أن يكون قادراً على فهم أمراض هذه المؤسسة ومعالجتها؟
•هل يؤدي فوز ترامب بالإضافة إلى "بركسيت" في بريطانيا، ورفض إصلاحات ماثيو رانتسي التشريعية في إيطاليا، إلى موجة من الشعبوية في فرنسا أيضاً التي ليست لديها زعامة قوية، وفي ألمانيا أيضاً حيث زعامة أنغيلا ميركل القوية ليست مضمونة لها؟
•إننا نعيش في عصر جديد، وما يزال العديد منا يواصلون استخدام وسائل العالم القديم، ولا يفهون مثلاً أن كل شيء يجري على شبكة التواصل وليس في وسائل الإعلام.
•ليس لدينا الوقت للحنين إلى عالم آخر. لقد كانت سنة 2016 تذكيراً هاماً بأن الأمور التي تعودنا عليها خلال عشرات السنوات الأخيرة لم تعد مهمة، وبالتأكيد ليست بالحجم عينه من الأهمية: فاستطلاعات الرأي التي توقعت في الماضي بقدر كبير من الدقة النتائج المتوقعة للانتخابات، قادرة اليوم على عرض توجهات وتصوير نيات الرأي العام، لكنها باتت عاجزة تقريباً عن توقع نتائج الانتخابات أو الاستفتاءات.
•لن تقدم لنا سنة 2017 جميع الإجابات التي نتوقعها وهي ستبقي التساؤلات إلى سنة 2018، لكننا نستطيع خلالها التعرف إلى وجهة العالم. وبعد أن قال الجمهور كلمته في الصناديق، سيقول كلمته في الأشهر المقبلة. وبغض النظر عن التوجهات التي ستظهر- فالسؤال التالي سيكون: كيف نساعد على تحويل العالم إلى عالم أفضل في إطار التغيرات التي نتوقعها، أو على الرغم من هذه التغيرات؟.