وزير المال ليس بابا نويل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•عيد الميلاد يقترب والأولاد في شتى أنحاء الأرض ينتظرون بابا نويل حاملاً كيس الهدايا ليوزعها. وحتى نحن لدينا بابا نويل محلي: إنه موشيه كحلون الذي يحب أن يعطي ويوزع على  الجميع. لديه سهولة في صرف الأموال، وعندما يسألونه عن الإنفاق المبالغ فيه في الموزانة يجيب: "يوجد مال".

•ربما لم يسمع كحلون بأن "وزير مال جيداً هو وزير مال سيئ"، وسوف تعلمه الوقائع ذلك عاجلاً أم آجلاً. لقد برزت سياسته "يوجد مال" بصورة واضحة في الطريقة التي عالج بها موجة الحرائق الأخيرة، فهو سارع إلى إعلان أنه سيدفع للجميع: "95% من المصابين سيعاملون بوصفهم ضحايا عمليات معادية، والذين ليسوا كذلك سيجري التوصل إلى حل خاص لهم". شركات التأمين كادت يغمى عليها من شدة الضحك، فكم هو جميل أن يكون لدينا وزير مال يتعهد هو نفسه بدفع مليارات الشيكلات كتعويضات لضحايا الحرائق، ويترك لشركات التأمين أن تدفع بضع عشرات من الملايين. يجري هذا كله قبل أن تحدد الشرطة ما إذا كان الحريق نتيجة عمل معاد. وطلب كحلون من خبراء شركات التأمين أن يكونوا أسخياء في تقدير الأضرار. 

•في الأسبوع الماضي أعلن كحلون بفخر عن هدية أخرى: "عندما يبلغ أولادنا سن الـ18 سيحصلون على هدية من الدولة عبارة عن حساب توفير قدره 18 ألف شيكل." منذ متى يتباهى وزير للمال بزيادة النفقات؟ إن هذا يبدو معاكساً لقانون الطبيعة، فوزير المال يكون عادة بخيلاً لا مبذراً.

•عندما نلقي نظرة إلى ميزانية العامين 2017- 2018 التي هي قيد المناقشة في الكنيست، تبدو لنا صورة معقدة، فقد اشتملت هذه الميزانية على عدد من الإصلاحات التي من شأنها تحسين نوعية حياتنا في مجال قروض المصارف، والاتصالات، والغذاء المستورد، والغاز للاستخدام المنزلي، وتوظيفات في المواصلات على صورة "مبادرات خاصة مالية"، لكن أغلبية هذه الخطوات جاءت صغيرة وجزئية. لكن من أجل الالتفاف على ارتفاع كلفة المعيشة يتعين على كحلون أن يقوم بشي مختلف تماماً: يجب عليه أن يقدم خطة واسعة من أجل فتح الاقتصاد على الاستيراد وإزلة جميع الرسوم عن المواد الغذائية واعتماد المعايير الدولية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستجعلنا نرى انخفاضاً في كلفة المعيشة.

•وفي الوقت عينه تفتقر ميزانية الحكومة إلى إصلاحات قاسية وغير شعبية من شأنها أن تدفع قدماً بالاقتصاد. 

•في جميع الأحوال، فإن سياسة "يوجد لدي مال" سياسة خطرة. وحتى ملاحق الميزانية تكشف صورة مقلقة. يسمح القانون الحالي بزيادة في النفقات الحكومية في سنة 2017 بتسعة مليارات شيكل، لكن عملياً الزيادة ستبلغ 17 ملياراً! ويعتبر هذا خرقاً كبيراً من شأنه أن يزيد في انتفاخ القطاع العام من الناحية المالية وفي اليد العاملة كذلك. وهذا ما يجري أيضاً للعجز الذي يجب أن يبقى ضمن حدود 2.5% لكنه ارتفع بسهولة إلى 2.9%.

•يعتقد كحلون أنه قادر على تخطي إطار النفقات والعجز من دون أن يدفع ثمناً. وهذا تحديداً ما اعتقده وزيرا اليونان وإسبانيا الى حين مجيء الأزمة الكبرى. وحقيقة أن النمو هو 3% وليس 5% هي جزء من هذا الثمن.

•يتعين على كحلون أن يفهم أن وزير مال جيداً هو وزير مال "سيئ" يقوم بإصلاحات غير شعبية ويحافظ على الخزينة. ممنوع على وزير المال أن ينافس بابا نويل.