بشرى أبو مازن
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•مَن توقع مانشيتات صاخبة [في وسائط الإعلام] من نقاشات مؤتمر حركة "فتح" السابع الذي عُقد في الأسبوع الماضي في رام الله، خاب توقعه. فالمانشيت قدمه تحديداً رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي الذي قدر أن سنة 2017 ستكون سنة تصعيد وعدم استقرار في مناطق الضفة، خاصة بسبب الصراع على وراثة منصب رئيس السلطة أبو مازن الذي منذ فترة أتم 81 عاماً.

•وحقيقة أن الأخبار تأتي من تل أبيب وليس من رام الله كافية كي تؤكد مجدداً أن مصير الفلسطينيين ليس في يدهم، وأن الحركة الوطنية الفلسطينية تراجعت إلى الوراء إلى نقطة الصفر حين كانت أداة في يد دول عربية مختلفة كانت تفرض عليها قراراتها وأعمالها. وكما في الماضي هو الحال اليوم أيضاً، فهناك آخرون يتدخلون في الشأن الفلسطيني، ومن بين هؤلاء مصر التي تدعم محمد دحلان، خصم أبو مازن، كمنافس على الزعامة الفلسطينية من بعده. ويجب أن نضيف إليها الأردن الذي منع العديد من مندوبي المؤتمر من الانتقال من أراضيه إلى رام الله، وكذلك قطر وتركيا، وفي الخلفية إيران أيضاً، وجميعها تريد سيطرة حركة "حماس" على مناطق السلطة كلها. وفي النهاية لا يمكن ألا أن نذكر إسرائيل، التي تحت حمايتها توجد بصورة عامة السلطة الفلسطينية، وتحت أعينها الساهرة جرى مؤتمر "فتح" في رام الله.

•في المؤتمر الذي عُقد الأسبوع الماضي في رام الله انتُخب أبو مازن رئيساً لخمس سنوات جديدة، كما انتُخبت المؤسسات التي ستنتخب من سيرثه، وتضم 21 عضواً في اللجنة التنفيذية و51 عضواً في المجلس الأعلى. وشارك في المؤتمر نحو 1400 مندوب فقط بالمقارنة مع نحو 2600 مندوب في المؤتمر السابق قبل 7 سنوات، ومعنى ذلك أنه استبعد عن نقاشاته مئات المشاركين الذين يمكن أن يدعموا خصم أبو مازن ويضمنوا انتخابه من بعده.

•لكن أبو مازن وصل إلى نهاية دربه، ويبدو أن هذا الدرب لم ينقذ الفلسطينيين من الحائط المسدود الذي وصلوا إليه. سيقولون دفاعاً عنه إنه بخلاف من سبقه لم يشجع الإرهاب والعنف، بل اختار أن ينتظر شخصاً سواه مثل أوباما، كي يفرض حلاً للنزاع يرضي الفلسطينيين. لذا، فإنه حتى تخوف إسرائيل من انعدام الاستقرار في السنوات المقبلة التي قد تشهد صراعاً محتدماً على الوراثة، أمر مشكوك فيه. يحظى دحلان، رجل "حماس"، بدعم مصر والسعودية والأردن، وثمة من يقول إنه يحظى حتى بدعم إسرائيل. كما أن لديه قواعد مؤيدة له في غزة أيضاً. وحتى في الضفة الغربية بدأ أنصاره يشتبكون مع أجهزة السلطة الأمنية في بعض المدن.

•لقد أعلن دحلان عشية المؤتمر عدم نيته الترشح وأنه يدعم مروان البرغوثي، المسجون في إسرائيل، كزعيم مقبل للفلسطينيين. لكنه في الوقت نفسه يحضر مؤتمراً مضاداً يعقد في مصر كي يدفع قدماً بمكانته كوريث.

•ليس الوضع في "حماس" أفضل بكثير. ففي نيسان/أبريل المقبل من المنتظر انتخاب زعيم جديد للحركة بدلاً من خالد مشعل، لكن ثمة شك في أن ينجح هذا  أيضاً في تحسين العلاقات مع مصر التي تفرض حصاراً فعلياً على القطاع، وفي تحقيق استقرار اقتصادي وأمني يمكن أن يؤمّن استمرار حكم "حماس" في غزة.

•وهكذا يستمر الفلسطينيون في الامتناع عن اتخاذ قرارات صعبة يتطلبها وضعهم، ولا ينجحون في التوحد حول زعامة شرعية وفاعلة وفي المضي نحو طريق جديد، حتى لو كان من الصعب استيعاب ذلك بالنسبة للجمهور الفلسطيني، لأن كل تنازل وتسوية من الصعب استيعابهما.

•على هامش هذه الأمور، وعلى الرغم من كل ذلك، هناك أمر مهم سمعناه خلال نقاشات المؤتمر من أبو مازن تأييداً لاتفاقات أوسلو التي هناك من يعارضها وسط الجماهير الفلسطينية، وهي "عودة" نحو 600 ألف فلسطيني إلى المناطق [المحتلة]. وتضاف هذه البشرى إلى الكلام الذي قاله دحلان، منافسه، خلال فترة الانتفاضة الثانية، أنه بسبب اتفاقات أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية ارتفعت الإصابات الإسرائيلية من عدد محدود من القتلى في الانتفاضة الأولى، إلى أكثر من ألف في الانتفاضة الثانية نتيجة هجمات مخربين وانتحاريين، أرسلتهم شبكة إرهابية عملت بحـرّية في مدن فلسطينية تقع تحت سيطرة السلطة: تصريحان يستحقان أن تعيرهما إسرائيل اهتمامها.