كيري أبقى الباب مفتوحاً أمام تحرك أوباما في الأمم المتحدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•طوال ساعة جلس أمس (الأحد) وزير الخارجية الأميركي المنتهية ولايته جون كيري، على المنصة في منتدى سابان في واشنطن، وعرض صورة قاتمة للوضع الحالي لعملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. لم يحضّر كيري خطاباً مكتوباً، وتحدث من القلب وكمن يخاف على مستقبل إسرائيل، وأسهب في وصف إحباطات أربعة أعوام حاول خلالها مرات عدة إحياء وإنعاش حل الدولتين الذي يكاد يلفظ أنفاسه. 

•انتقادات كيري الموجهة ضد سياسة حكومة إسرائيل الاستيطانية ورئيسها بنيامين نتنياهو كانت غير مسبوقة في حدتها. قبل 50 يوماً من انتهاء مهماته وافق كيري على الاعتراف علناً بالواقع والقول إن حكومة إسرائيل ليست معنية فعلاً بحل الدولتين. وقد أوضح فعلاً أن من يريد أن يعرف سياسة إسرائيل، فمن الأفضل له أن يصغي لما يقوله ويفعله رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينت، وليس إلى ما يقوله نتنياهو ويفعله.

•لقد وصف وزير الخارجية الأميركي واقعاً تستغل فيه مجموعة صغيرة داخل حكومة إسرائيل عدم اهتمام الجمهور الإسرائيلي بما يجري في الضفة الغربية، كي تمرر بصمت ومن وراء الكواليس قرارات تكرس وقائع على الأرض، وتحوّل نشوء دولة فلسطينية إلى مهمة مستحيلة. إن قانون "تنظيم الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية"، وتعزيز المواقع الاستيطانية غير القانونية، والهدم الكثيف لمنازل الفلسطينيين في منطقة ج، ونقل المزيد من اليهود إلى المستوطنات الواقعة خارج شرقي جدار الفصل، هي جزء فقط من الخطوات التي عددها كيري.

•لقد رفض كيري رفضاً قاطعاً الوصف الذي عرضه نتنياهو أمام المنتدى قبله بساعة ومفاده أن التهديد الإيراني يتيح لإسرائيل تحقيق سلام منفرد مع دول عربية من دون علاقة بالفلسطينيين. ووصف وزير الخارجية كلام نتنياهو بأنه يتأرجح بين الوهم والسراب وبين الخداع والكذب. وقال كيري إن "هذا لن يحدث، كلا وألف كلا. من دون سلام مع الفلسطينيين لن يكون هناك سلام بين إسرائيل والدول العربية". 

•لكن النقطة الأكثر أهمية في كلام كيري هي المتعلقة بالأسابيع الستة المقبلة، فقد أبقى وزير الخارجية الباب مفتوحاً أمام تحرك أميركي في مجلس الأمن قبل أداء الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب القسم في 20 كانون الثاني/يناير. وأوضح أن الإشاعات التي تتحدث عن أن الرئيس أوباما سيغادر البيت الأبيض من دون أن يهتم بالموضوع الاسرائيلي- الفلسطيني سابقة لأوانها، مشدداً على أنه لم يُتخذ قرار بهذا الشأن. وكان كيري دقيقاً عندما قال إن القرار بشأن هذا الموضوع يمكن أن يتخذ في البيت الأبيض خلال هذا الأسبوع. وكأن كيري بودّه أن يرى الولايات المتحدة تدفع قدماً بقرار في مجلس الأمن يستند إلى تقرير اللجنة الرباعية الصادر في تموز/يوليو، وهو قرار يتناول النشاطات السلبية للطرفين- المستوطنات، هدم منازل وشرعنة البؤر الاستيطانية من الجانب الإسرائيلي، والتحريض والعنف من الجانب الفلسطيني.

•وليس من العبث اشارة كيري إلى أن الولايات المتحدة ستعارض أي قرار سيكون"غير متوازن" حيال إسرائيل. وإذا كان القرار ينتقد الفلسطينيين، فهو ليس غير متوازن.

•ثمة خيار آخر أمام أوباما هو الامتناع عن استخدام الفيتو ضد اقتراح قرار في موضوع المستوطنات، يطرحه الفلسطينيون في مجلس الأمن. وإذا أزال الفلسطينيون بنداً إشكالياً واحداً من مسوّدتهم الحالية، فإن النص سيبدو كأنه نسخة من خطب أوباما، وسيكون من الصعب على الرئيس الأميركي فرض الفيتو على قرار كهذا. يدعم جميع مستشاري أوباما تقريباً تحركاً أميركياً ما في مجلس الأمن في الموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني. وإذا قرر أوباما القبول بموقفهم أو رفضه، فإنه سيكون لذلك أهمية لا يستهان بها على إرثه.