•أدّى دخول روسيا إلى المعركة إلى جانب الأسد إلى حدوث منعطف في الحرب الأهلية، وإلى نجاحات متراكمة للجيش السوري وحزب الله وإيران في المواجهة مع أطراف المعارضة السورية، وإلى السقوط الوشيك لمدينة حلب. وفي الوقت نفسه تدور معارك في عدة جبهات في العراق وسورية ضد تنظيم داعش الذي بدأت نهايته تقترب. وعلى ما يبدو، فإن الحرب الأهلية في سورية تقترب من نقطة تحول تاريخية تبشر باستمرار صمود نظام الأسد. وفي ضوء هذه الحقائق تحاول عناصر القوى المختلفة بلورة قواعد اللعبة المستقبلية.
•في هذه الظروف، يبدو أن محاولة نقل وسائل حربية من سورية إلى حزب الله التي جرت أول من أمس، تهدف إلى اختبار سياسة الخطوط الحمراء التي أعلنتها إسرائيل. كما يجب أن يُفحص حادث إطلاق النار في جنوب هضبة الجولان هذا الأسبوع ضمن إطار وضع قواعد جديدة، هذه المرة من جانب فرع تنظيم داعش الموجودة جنوب الهضبة.
•تعمل دولة إسرائيل على منع انتقال الوسائل القتالية إلى حزب الله بموجب قرار وقف إطلاق النار في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو] 2006 وقرار الأمم المتحدة رقم 1701. وفي ظل غياب القدرة على المنع الكامل لانتقال وسائل قتالية إلى حزب الله، اختارت إسرائيل التركيز على منع وإحباط وصول وسائل قتالية متطورة من شأنها أن تمس بحرية عمل الجيش الإسرائيلي، أو وسائل قتالية متطورة تمنح الحزب قدرات متطورة لمهاجمة أهداف في دولة إسرائيل.
•منذ سنة 2012 نقلت إسرائيل رسائل إلى نظام الأسد لمنعه من نقل وسائل قتالية متقدمة من سورية إلى حزب الله. ومن أجل إزالة أدنى شك بشأن جدية نياتها، أعلنت إسرائيل أنها ستمنع نقل مثل هذه الوسائل.
•بدأت الهجمات الجوية لإحباط نقل السلاح من سورية إلى حزب الله، التي نسبتها مصادر أجنبية إلى إسرائيل، في كانون الأول/يناير 2013 ومعظمها وقع داخل الأراضي السورية. وامتنعت إسرائيل بصورة منهجية عن التطرق رسمياً إلى هذه الادعاءات. وفي السابق استهدفت الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل شحنات تحتوي على منظومات سلاح نوعي: صواريخ بر- بحر دقيقة وبعيدة المدى من طراز ياخونت، وصواريخ متطورة مضادة للطائرات، وقذائف صاروخية دقيقة متوسطة المدى من طراز الفاتح- 110.
•بصورة عامة امتنع كل من سورية وحزب الله عن الرد على هذه الهجمات، لكن في عدد من المرات اتهم الأسد إسرائيل مباشرة بالمسؤولية عنها وهدّد بالرد. وفي العام 2014 قام حزب الله بهجوم في هضبة الجولان رداً على هجوم نسبه الحزب إلى إسرائيل وزعم أنه وقع في لبنان. لكن في جميع الحوادث التي، بحسب التقارير، وقعت فيها الهجمات داخل سورية، فضّل جميع الأطراف المحافظة على "هامش الإنكار"، فلم تكن إسرائيل تتطرق مباشرة إلى الهجمات وكان في إمكان الأسد وحزب الله الاستمرار في ضبط نفسيهما. وفي تقدير إسرائيل أنه في الظروف الحالية للحرب الأهلية في سورية، سيفضل الأسد وحزب الله الامتناع عن التصعيد، والظاهر أن سياسة الإنكار تخدم هذا الهدف.
•يتعيّن على إسرائيل أن تكون واعية لمحاولات تغيير قواعد اللعبة، وعليها أن تواصل سياستها الحكيمة في الامتناع عن التدخل مباشرة في الحرب الأهلية في سورية، لكن مع المحافظة بشدة على مصالحها.
•إن تدمير قافلة السلاح على افتراض أن إسرائيل هي من فعل ذلك بحسب تقارير أجنبية، هو رسالة واضحة مفادها أنه حتى في الظروف الحالية، مع الوجود العسكري الروسي ونجاحات تحالف الأسد، فإن إسرائيل ستعمل بحزم وفاعلية للدفاع عن أمنها. وقد جرى التعبير بنجاح عن هذه السياسة قبل أيام معدودة ضد فرع تنظيم داعش في جنوب هضبة الجولان.