•حادث إطلاق النار الذي وقع صباح أمس وقتل خلاله أربعة مخربين من تنظيم يتماهى مع تنظيم داعش على حدود هضبة الجولان، هو حادث تختلف سماته بالمقارنة مع حوادث سابقة وقعت في الهضبة. ففي هذا الحادث بادر مخربون إلى فتح النار من رشاش ثقيل محمول على سقف سيارتهم في اتجاه قوة من الجيش الإسرائيلي داخل أراضي إسرائيل، أي أن ما جرى هو مبادرة لإطلاق النار ضد الجيش الإسرائيلي وليس إطلاق نار عن طريق الخطأ أثناء قتال بين قوات متمردة وأخرى موالية للأسد.
•في السابق قام بهجمات المبادأة ضد القوات الإسرائيلية فقط وحدات تابعة لحزب الله في هضبة الجولان، ساهم في إنشائها جهاد مغنية وسمير القنطار قبل موتهما، وتركزت تلك الهجمات بصورة أساسية في القسم الشمالي من هضبة الجولان. لكن المنطقة التي وقع فيها هذا الحادث تسيطر عليها فصائل تابعة لمتمردين سوريين يتماهون مع تنظيم داعش، ومن بينها تنظيم "أحرار الشام" و"جيش خالد بن الوليد". وقد امتنع هذان التنظيمان الراديكاليان في الماضي عن المبادرة إلى هجمات ضد الجيش الإسرائيلي، وركّزا على القتال ضد قوات الأسد وعناصر معارضة تخاصمها.
•هذه المرة سارعت التنظيمات المتماهية مع تنظيم داعش إلى إعلان مسؤوليتها عن إطلاق النار، بينما هي امتنعت في السابق عن ذلك عندما كان يقع إطلاق نار من طريق الخطأ. وحتى الآن ليس واضحاً من هو المستوى الذي اتخذ قرار تنفيذ الهجوم، هل هو قيادة تنظيم داعش، أم قيادة التنظيم في المنطقة، أم أن ذلك جاء بمبادرة من الخلية التي قامت بإطلاق النار؟ يمكن العثور على أدلة ما يبرر هذه الاحتمالات الثلاثة.
•يخوض تنظيم داعش صراعاً وجودياً في العراق وفي سورية. وقد خسر التنظيم في العراق أغلبية المدن التي كان يسيطر عليها وهو يخوض حالياً معركة مصيرية في الموصل. وفي سورية خسر التنظيم مناطق جغرافية كثيرة، وبدأت المعركة تتقدم نحو عاصمة الخلافة في الرقة. في مثل هذه الظروف، على الرغم من أزمة التنظيم العسكرية، وربما تحديداً بسببها، فإن العمليات الإرهابية ضد إسرائيل من شأنها أن تساهم في تعزيز مكانة التنظيم ونزع الشرعية عن نظام الأسد، الذي بدلاً من محاربة العدو الصهيوني يحارب مقاتلي الإسلام الذين يحاربون إسرائيل.
•في المدة الأخيرة عُيّن قائد جديد للتنظيمات الإسلامية في المنطقة هو أبو محمد المقدسي بعد مقتل القائد السابق في تفجير سيارته في تشرين الأول/أكتوبر. ومن المحتمل أن القائد الجديد يريد بعد توليه منصبه تغيير قواعد اللعبة والمبادرة إلى حوادث على الحدود مع إسرائيل. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن الهدف من حادثة إطلاق النار هو فحص رد إسرائيل.
•ولكن من المحتمل أن يكون ما جرى هو مبادرة محلية من خلية المخربين وليس تغييراً في سياسة التنظيم. وإذا كان هذا التقدير صحيحاً، فإننا لن نشهد في المستقبل القريب هجمات أخرى للتنظيم.
•إن رد الجيش الإسرائيلي وتدمير السيارة وقتل المخربين ينسجم مع سياسة إسرائيل التي مفادها عدم القبول بإطلاق النار عليها من وراء الحدود، والرد السريع والحاسم هو بمثابة رسالة صحيحة وواضحة بشأن إصرار إسرائيل على الدفاع عن حدودها.
•قد يكون من السابق لأوانه القول بأن ما جرى حادث لن يتكرر أو أنه تغيير في سياسة تنظيم داعش وفروعه في هضبة الجولان. وإذا ما شهدنا مواصلة للهجمات من جانب هذه التنظيمات، فإن دولة إسرائيل ستضطر إلى فحص سياستها الحالية التي تقوم على الامتناع عن التدخل في القتال في سورية، ستقوم بالرد الحاد والمباشر على أي إطلاق نار نحوها- بغض النظر عن الطرف الذي يُطلق النار.