نجاح هجوم القدس قد يؤدي إلى محاولات لتقليده
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إرهاب الأفراد الفلسطينيين الذي برز بقوة كبيرة قبل نحو سنة، ما يزال مستمراً بشكل متقطع خلال فترة الأعياد اليهودية الحالية. وعندما يكون في إمكان المخرب الحصول على سلاح ناري مثلما حدث صباح يوم الأحد في القدس، فإن هذه هي الإمكانية المفضلة بالنسبة إليه مقارنة مع هجمات الطعن والدهس التي في معظم الأحيان تتسبب بوقوع عدد قليل من الإصابات. ونظراً إلى أن هذا المخرب الذي قتل هذا الصباح امرأة وشرطياً هو من سكان القدس الشرقية، فإنه لم يواجه أي صعوبة للوصول إلى مكان الهجوم بسيارته.

•لقد سارعت حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي هذا الصباح إلى إعلان مباركة الهجوم، لكن اتجاه الهجمات في الأشهر الأخيرة يدل على فشل التنظيمين. لقد حاولت "حماس" قبل سنة أن تركب موجة الإرهاب وتشجع سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية على استخدام السلاح الناري آملة أن يؤدي ذلك إلى تصعيد العنف واندلاع اشتباكات داخلية تشكل خطراً على استمرار حكم السلطة الفلسطينية. وفي الواقع استمرت هجمات الأفراد بينما فشلت "حماس" في تحريك خلاياها، باستثناء هجوم انتحاري واحد على باص في القدس في نيسان/أبريل الماضي، وكان المخرب منفذ الهجوم من سكان بيت - لحم هو القتيل الوحيد. ونجح الشاباك وأجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية في أغلب الحالات في اعتقال خلايا "حماس" في الضفة قبل قيامها بهجمات.

•إن المخرب الذي نفذ الهجوم وقُتل خلال تبادل للنار مع الشرطة في القدس، ناشط محلي معروف من "حماس" وعضو في حرس "المرابطون" وهي قوات دفاع  شكلتها الحركة الإسلامية في إسرائيل بهدف الاشتباك مع الشرطة والمصلين اليهود في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] (وكانت إسرائيل أعلنتعدم شرعية هذا التنظيم قبل نحو عام). وهو أيضاً من سكان كفر سلوان، وهي من بين الأماكن حيث الاحتكاك هو الأعنف بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين والشرطة في شرقي المدينة. إن المطلوب من الشاباك والشرطة التحقيق في سبب عدم وجود إنذار مسبق بشأن خطة المخرب [الذي نجح في الحصول على سلاح ناري]، على الرغم من الكلام المتطرف الكثير الذي نشره في الفايسبوك، وكان من المنتظر أن يسلم نفسه اليوم لتنفيذ عقوبة السجن أربعة أشهر بعد اتهامه بمهاجمة شرطي.

•إن الدافع الديني في الهجوم الأخير واضح، وهو يتعلق بالصراع الفلسطيني على جبل الهيكل وبالخوف الدائم في القدس الشرقية من محاولة إسرائيل طرد المسلمين من الحرم، ولا سيما في فترة الأعياد. ونظراً إلى أن الهجوم وقع في مكان مركزي وأدى إلى خسائر في الأرواح وجرى تصويره من الجانب الفلسطيني، وإلى أن المهاجم شخص معروف وسط الناشطين في القدس الشرقية - فثمة أسباب كثيرة تدفع إلى التقدير بأن يحاول مقلدون في الفترة المقبلة القيام بهجمات شبيهة وبخاصة في القدس وفي الخليل.

•وعلى خلفية زعزعة الشعور بالأمن الفردي في القدس، ستدرس الشرطة زيادة قواتها في المدينة بالإضافة إلى تكثيف انتشار الجيش الإسرائيلي في الضفة في فترة الأعياد. في تشرين الأول/أكتوبر من السنة الماضية شهدت القدس موجة إرهاب جرى لجمها بصورة تدريجية في نيسان/أبريل - أيار/مايو من هذا العام، وقد عرفت ومضات إضافية في الأشهر التي تلت. من المنطقي الافتراض أن الجانب الإسرائيلي استخلص دروساً عملية وجرى تدارك نقاط الضعف بطريقة يمكن أن تساعد في تقليص خطر نشوب مواجهات واسعة. وأظهر استطلاع للرأي أجري مع نحو ألف شاب من الضفة والقطاع ونشرت نتائجه اليوم، أن أكثر من نصف هؤلاء الشباب يعتبرون البطالة سبب القلق والعدو رقم واحد بالنسبة إليهم.

•لكن الفارق الأساسي بالمقارنة مع الظروف التي كانت تسود قبل سنة هو ذلك المتعلق بالضعف المستمر في مكانة السلطة الفلسطينية. ففي الأسبوع الماضي، وبعد بضعة أيام على الانتقادات القاسية التي وجهتها كل من حركة "حماس" وتنظيم "فتح" إلى محمود عباس لمشاركته في جنازة بيرس، أدخل الرئيس الفلسطيني المستشفى في رام الله حيث خضع لعملية قسطرة قلبية. وبالإضافة إلى مشكلات عباس الصحية، تعاني السلطة من صعوبة في فرض سيطرتها على الأرض. 

•لقد جرى لجم الإرهاب في الجولة الماضية إلى حد بعيد من خلال التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على الرغم من أن هذه الأخيرة لم تقرر المشاركة في مسعى وقف الهجمات إلاّ بعد بضعة أشهر على اندلاعها. 

 

•إن الانتقادات العلنية الموجهة إلى السلطة، والتوقعات بانتهاء ولاية عباس والصراع على وراثته، كل ذلك من شأنه أن يشجع على اندلاع موجة إرهاب جديدة. وهذ المرة أيضاً سيكون القدس وجبل الهيكل هما المكانين اللذين سيظهر فيهما ما إذا كانت المناطق [المحتلة] ستشهد تصعيداً طويلاً وعنيفاً، أم أن ما سيجري هو نوع من تصاعد وانخفاض في الهجمات لا يدل على تحول حقيقي في المواجهة الإسرائيلية - الفلسطينية.

 

 

المزيد ضمن العدد 2470