•في نهاية الأمر وقبل كل شيء شمعون بيرس أحب دولة إسرائيل. وعلى الرغم من أن هذه الدولة كانت بصورة عامة صغيرة عليه، إلا أنه كان مرتبطاً بها ارتباطاً وثيقاً.
•لقد كان من كبار المخططين والقادرين على التلاعب بمشاعر الآخرين، لكنه نجح في المحافظة على تفاؤله ورومنسيته في حبه للبلد. لقد ارتكب عدداً لا يحصى من الأخطاء، كان آخرها قبل الانتخابات في سنة 2013 عندما تسلى بفكرة الترشح لمنصب رئاسة الحكومة بينما كانت تسيبي ليفني تدفعه إلى ذلك من خلال استطلاعات رأي مشجعة. وقد نسي بيرس نصيحته بأنه يجب عدم أخذ الاستطلاعات مأخذ الجد.
•لقد كان بيرس رئيساً للحكومة لعامين ونصف العام بعد اغتيال يتسحاق رابين، لكننا نتذكره بوصفه من كبار السياسيين في تاريخ الدولة. وهو يأتي بعد الأب المؤسس ديفيد بن غوريون الذي كان بيرس شديد الإعجاب به. ومن يتفحص حقاً الشخصية السياسية لبيرس يدرك خصوصيتها التي برزت في فترة الخمسينيات، فقد كان بيرس السياسي الأول باستثناء بن غوريون الذي فهم المغزى الحقيقي للسيادة. وهو الذي طور في الخمسينيات بتأثير من بن غوريون، عقيدة "المنحى الذاتي" أي عدم الاعتماد على قوى عظمى وتحالفات. وكانت نظرته في تلك الفترة مختلفة عن تلك التي عرفها الجمهور في المرحلة الأخيرة من حياته. ففي أيلول/سبتمبر 1955 كتب بيرس: "إن استيطاناً يهودياً كثيفاً في منطقتي الجليل والنقب سيشكل توازناً جدياً عند الخطر، ليس لأن حربنا ستتركز في المستوطنات - لو تعرضنا إلى هجوم، فسنبذل كل ما في استطاعتنا كي ننقل الحرب إلى أرض العدو - بل لأن استيطاناً يهودياً يقلل من رغبة العرب في الحرب".
•على الصعيد الدبلوماسي والسعي نحو السلام كان بيرس يعتقد أن" كل إعلان من جهتنا عن رغبتنا في السلام لا يرى فيه العرب دليلاً على حسن نية بل يرونه تعبيراً عن الضعف". وكان يعتبر أن مسألة الحدود يجب أن تكون منفصلة عن المجال السياسي وألا تكون موضوعاً للمقايضة.
•قاد بيرس حزب العمل في عدة معارك انتخابية كانت الأكثر دراماتيكية في تاريخ الدولة. بدءاً من 1977، الانتخابات التي أدت إلى الانقلاب [صعود الليكود إلى الحكم] والتي خسرها أمام بيغن، وحتى 1996 حين خسر أمام بنيامين نتنياهو بعد اغتيال رابين وفي إثر الهجمات الانتحارية.
•سوف نتذكر بيرس من دون علاقة باتفاق أوسلو، كرئيس حكومة جيد نجح في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد وفي الدولة بعد الدوامة الجنونية للتضخم [عندما كان رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية سنة 1984]، وبعد الوحل اللبناني خلال سنوات حكم بيغن وشامير. لكن سنتذكره أيضاً كخاسر دائم. ففي أحدى المرات في سنة 1977 وبعد هزيمته الانتخابية، صرخ بيرس أمام أعضاء الحزب: هل أنا فاشل؟ فأجابه الجمهور: نعم.
•كثيرون سيتذكرون أنه حاول تسييس مؤسسة الرئاسة واستغلالها من أجل إزاحة نتنياهو، كما عمل مع الرئيس أوباما و"معسكر المتطرفين" ضد خطط رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع باراك.
•لكن في وداع شمعون نقول له فقط: كلا أنت لست خاسراً. نحن الذين في مراحل معينة خسرناك. لقد حان الوقت لدون كيشوت مثلك أن يرتاح.