•في حال انتخاب [مرشح الحزب الجمهوري] دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة [في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016]، فستكون هذه ضربة استراتيجية قاسية لإسرائيل. فهذا الشخص عنصري يكره الغرباء والأقليات والمهاجرين وموبوء بالإسلاموفوبيا ويهدد بعدم السماح للمسلمين بالهجرة إلى الولايات المتحدة، ويؤمن في أعماق قلبه بتفوق الإنسان الأبيض أو على وجه الدقّة تفوق الرجل الأبيض.
•لماذا يعتبر ترامب كارثة بالنسبة إلى إسرائيل؟ لكونه مؤيداً علنياً لها ويتبنى جميع مواقف اليمين المتطرف فيها بما في ذلك البناء في مستوطنات المناطق [المحتلة] وضم مناطق ج في الضفة الغربية ومعارضة إقامة دولة فلسطينية. وفي حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة سيمسي تأييد إسرائيل في العالم متماثلاً معه وستبتعد دول كثيرة في العالم عن إسرائيل، وسيكون هو والولايات المتحدة مكروهين في العالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي من شأنه أن يتسبّب أيضاً بإضعاف الائتلاف العربي البراغماتي ضد تنظيم "داعش".
•ماذا حدث ليصبح شخص مثل ترامب مرشحاً عن الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية؟ إن هذا الشخص تعبير عن رفض للمؤسسة السياسية في واشنطن التي تعتبر فاسدة، ويقف على رأسها منذ سنوات أبناء سلالتي بوش وكلينتون، كما أن انتخابه يعبّر عن ازدياد نفوذ اليمين الراديكالي الأميركي المتحفظ من واقع سيطرة شخص أسود على الرئاسة الأميركية لمدة ثماني سنوات. ويتألف هذا اليمين الراديكالي من الإنجيليين والمحافظين وممثلي الانفصال في الولايات الجنوبية وأنصار جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية البيضاء. كذلك، فإن الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة يعتبرون أنفسهم متضررين من السياسة الاقتصادية التي اتبعتها إدارتا الرئيس الحالي باراك أوباما. صحيح أن هذه السياسة أنقذت الولايات المتحدة من الأزمة الاقتصادية العميقة التي اجتاحتها سنة 2008، لكن هذا لم يحسّن الوضع الاقتصادي لأبناء تلك الطبقة. وعلى ما يبدو، فسيكون بإمكان فئات السكان البيض العنصريين وغير المتعلمين وغير الأثرياء، أن تنصّب ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل كأول رئيس أميركي يفتقر إلى أي خلفية في الحياة السياسية الأميركية، وفقط بحكم كونه صاحب عقارات وكازينوات ومقدم برامج تلفزيون الواقع.
•إذا حدث ذلك فمن المتوقع من الناحية الدولية أن تضعف الولايات المتحدة، وأن تتزعزع اتفاقيات التجارة بينها وبين كندا والمكسيك من جهة، وبينها وبين اليابان والصين من جهة أخرى. وسبق لترامب أن تعهد بتعزيز الوجود العسكري الأميركي البري في العراق، الأمر الذي سيؤدي إلى صدام مع العالم العربي. ومنذ الآن تعرب أوروبا عن تخوفها من رئاسة ترامب كما صرّح وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا.
•وعلى خلفية هذه النزعات الانفصالية الأميركية من جهة والتحفظات الواسعة منها من جهة أخرى، ستسلط الأضواء على إسرائيل كحليفة للولايات المتحدة برئاسة ترامب، وعلى ما يبدو ستكون روسيا بوتين إلى جانبها. ومن المُلاحظ أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وترامب يتكلمان اللغة نفسها، وأنهما يبنيان شعبيتهما على الديماغوجيا القومية العنصرية المتطرفة، واحترامهما للديمقراطية محدود للغاية، والاثنان يؤمنان باستخدام القوة لحل الصراعات في العالم والمنطقة، ولكليهما صديق مشترك اسمه شلدون إدلسون [الثري اليهودي الأميركي]. ولم يكن من قبيل المصادفة أن ترامب أقام أول طاقم انتخابي له خارج الولايات المتحدة في إسرائيل.
•في ظل رئاسة ترامب للولايات المتحدة ستكون إسرائيل أكثر عزلة في العالم، وسيتحول النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى نزاع غير قابل للحل، وسيضعف الصراع ضد الإرهاب الأصولي وستشهد منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك عندنا هنا، المزيد من أعمال العنف.
•إن جذور المشكلة في الولايات المتحدة كما يراها معظم العالم الغربي وجميع الأوساط الليبرالية الأميركية، كامنة في أن ترامب يجسّد تدهوراً أخلاقياً يؤجّج ظواهر منحطة مثل العنصرية، والقومية المتطرفة، وكراهية النساء والغرباء والمهاجرين، وتقويض الديمقراطية. أما مشكلتنا نحن هنا، فهي أن الزعيم الذي يقود إسرائيل في الوقت الحالي هو الأخ التوأم لترامب من ناحية هذا التدهور الأخلاقي.