حلف الظلال
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•دول عديدة في العالم تتساءل بإعجاب وتنظر بتقدير إلى العلاقات الآخذة بالتطور بين دولة إسرائيل وبين الدول السنية الأكثر أهمية في المنطقة، إلى شبكة العلاقات العلنية بين إسرائيل  وبين مصر والأردن اللتين توجد لإسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة معهما، وأيضاً العلاقات غير الرسمية بين إسرائيل والسعودية والإمارات الخليجية.

•ويبدو أن هناك ثلاثة دوافع لهذا التغير: الأول: تخوّف  دول سنية من تعاظم قوة إيران، التي تقود الكتلة الشيعية في المنطقة وتهدد سلامة الدول السنية وأمنها. وهذا نزاع ديني قديم بين الأقلية الشيعية والأغلبية السنية، أقلية تستفيد من وجود زعامة واحدة لها مستعدة لتوظيف كل ما هو مطلوب من أجل تغيير وضع الشيعة في الشرق الأوسط من جذوره.

•هذه القيادة الموجودة في طهران تقود مسعى مخططاً له ومركزاً يهدف إلى تحرير الشيعة من ظلم السنة في اليمن والبحرين وفي السعودية، والدفاع عن السلطة أو القيادة الشيعيه في العراق وفي سورية ولبنان. والهدف هو خلق تواصل شيعي من طهران مروراً ببغداد ودمشق وصولاً إلى ضاحية بيروت. 

•وتحاول طهران في الوقت عينه المساس بالهيمنة السنية في الجانب العربي من الخليح الواقع بين شبه الجزيرة العربية وبين إيران، المسمى الخليج الفارسي أو الخليج العربي. في الجانب العربي من الخليج توجد، بين دول أخرى، إمارات الخليج والسعودية، ذات الأقلية الشيعية التي تسكن في مناطق النفط، والبحرين- التي شهدت محاولة انقلاب شيعية، واليمن، حيث تقاتل السعودية إلى جانب الأغلبية السنية ضد الأقلية الحوثية المرتبطة بإيران.

•للصراع الشيعي- السني صبغة قومية، إذ لا يمكن تجاهل أن ما يجري هو مسعى من إيران لزيادة نفوذها في دول كلها عربية. ويمكن أن نجد صدى لهذا النزاع القومي في الانقسامات الداخلية الشيعية في العراق خاصة، حيث توجد مدينة النجف، التي كانت تعتبر المدينة الأولى من حيث الأهمية بالنسبة للشيعة، لكن حالياً حل محلها مدينة قُم الإيرانية.

•الدافع الثاني هو مخاوف الدول السنية كلها من تهديد الأفكار السلفية المتشددة التي يعتنقها تنظيم داعش، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية. لكن التنظيم ينشط أيضاً في سيناء وليبيا، ولديه حتى فروع في أفريقيا وأوروبا، كما تدل على ذلك عمليات الارهاب المتكررة.  من هنا فإن إسم "الدولة الإسلامية" يلائم الواقع أكثر.

•يشكل اتساع حجم عمليات التنظيم تهديداً للدول السنية، لأنها في نظره العدو الأول. ويُعتبر التنظيم في مصر العدو الأول بسبب انتشاره في أجزاء من شبه جزيرة سيناء وارتباطه بحركة "حماس"، الفرع الفلسطيني في غزة للإخوان المسلمين، المكروهين من النظام الحالي في القاهرة. وفي الأردن والسعودية يهدد داعش النظام من الداخل، نظراً لوجود أجواء مؤيدة له بين أقسام مختلفة من السكان. وحتى لو نجح الائتلاف الذي يحارب التنظيم في تقليص المناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسورية، وعلى الرغم أنه حالياً يلاقي صعوبة في المحافظة على زخمه بعد سلسة نجاحات مهمة، فإن الفكرة التي يشيعها التنظيم تهدد كثيراً الدول السنية.

•الدافع الثالث ينبع من الاحساس بأن الولايات المتحدة تخلت عن أصدقائها في المنطقة في الوقت الصعب، وأنها تنوي أن تقلص كثيراً تدخلها في المنطقة. وتستند هذه المخاوف في مصر إلى التخلي [الأميركي] عن مبارك، وما اعتبر بأنه دعم من الولايات المتحدة للإخوان المسلمين. أما في السعودية ودول الخليج فالإحباط نابع من اعتبارهم الاتفاق النووي مع إيران  بمثابة خضوع أميركي. وقد خاب أمل هذه الدول من موقف الولايات المتحدة حيال مبارك من جهة، وحيال الأسد الذي يواصل قتل السنة من جهة أخرى، ولأن هذه الدول أدركت بأن الولايات المتحدة لا تقف إلى جانبهم في صراعهم ضد إيران وتتوقع منهم التنازل عن جزء مهم من مطالبهم.

•من الواضح للدول السنية، التي رأت في الولايات المتحدة دولة عظمى، ورأت في وجودها في المنطقة عامل كبح لأي قوة يمكن أن تهددهم، بأن الوضع قد تغير. مع أن الولايات المتحدة تبقى دولة عظمى، إلاّ إنها فقدت الرغبة في استخدام قوتها في الشرق الأوسط. وأبعد من ذلك، حتى عندما تتدخل، مثلاً، وتقود الائتلاف ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فإنها تفعل ذلك بتأن وحذر كبيرين، وتتنازل على الأرض في مواجهة أعدائها، كما ظهر من خلال ردة فعلها الهزيلة حيال زيادة التدخل الروسي في سورية.

•تبحث هذه الدول [السنية] عن طرف يستطيع أن يقدم لها المساعدة في هذا الوقت. وإسرائيل هي الدولة الوحيدة المستقرة في المنطقة كلها والتي لا ترتفع فوقها علامة استفهام. هي دولة قوية عسكرياً واقتصادياً، ولديها قدرة واستعداد للدفاع عن مصالحها الحيوية. وهذا هو الأساس لشبكة العلاقات الجديدة الآخذة في التطور بين إسرائيل وبين هذه الدول السنية، التي هي دول تقليدية تحافظ على الوضع القائم وموجودة في منطقة لا تتوقف عن التغير، وتبحث عن مرساة من أجل تحقيق الاستقرار. وإسرائيل هي هذه المرساة. وهذا زواج مصلحة وليس علاقة حب لكن له أهمية كبيرة ومضطردة.

•من أجل التوصل إلى تقدم حقيقي في العلاقات يجب أن نتعاون، مثلما قال لي أمير سعودي جمعتنا منصة مشتركة في واشنطن. لكن تعاوناً جدياً علنياً من دون حدود ممكن فقط إذا جرى توقيع اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين - ليس لأن الموضوع مهم بالنسبة لزعماء هذه الدول، بل لأنه من دونه لن يسمح لهم الشارع [العربي] بالتقدم علناً في شبكة العلاقات مع إسرائيل. إنما بالنسبة للفلسطينيين الدفع قدماً باتفاق ومن بعده بشبكة العلاقات مع إسرائيل ليس ملحّاً، بل العكس؛ وإدراك الفلسطينين بأنهم المفتاح من أجل تحسن هذه العلاقات يزيد من أهميتهم ومن سعرهم.

•إن السبيل الوحيد للتغلب على هذه الصعوبات هو تغيير ترتيب المراحل: يجب بناء منظومة علاقات تشكل مظلة مشتركة من أجل تحرك تقوم به الدول السنية وإسرائيل، ومن ثم يمكن ضم الفلسطينيين إليه من أجل البدء بالمفاوضات. وخلافاً للماضي، فإن تحسين العلاقات في هذا الوقت لا يقل في نظر الدول العربية أهمية عنه بالنسبة لإسرائيل، لكن العقبة الفلسطينية تعيقهم عن ذلك، وليس واضحاً ما إذا كانت هذه الدول قادرة على التغلب على هذه العقبة على الرغم من مصلحتها في ذلك. 

 

•من الأفضل أن تفكر إسرائيل في كيفية تقديم المساعدة من أجل تحقيق ذلك، لأن ما يجري هو فرصة تاريخية.