•تعكس محاولة الانقلاب الفاشلة ضد حكم أردوغان التي وقعت في نهاية الأسبوع، ضعف النخبة العلمانية والجيش في تركيا، ودعم جزء كبير من السكان لخط أردوغان السياسي والدبلوماسي، ورغبة الشعب التركي في المحافظة على الاطار العالم للعبة الديمقراطية في كل ما يتعلق بطريقة تغيير السلطة.
•ستؤدي محاولة الانقلاب الفاشلة إلى تعزيز مكانة أردوغان ونزع الشرعية عن جزء من خصومه، وسوف تمنحه فرصة تاريخية لاتخاذ مجموعة خطوات من أجل تعزيز مكانته في المستقبل. فما هي سمات تركيا في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب؟
•النظام السياسي في تركيا: محاولة الانقلاب الفاشلة والدعم الذي حظي به أردوغان في الداخل والخارج سيتيحان له تحقيق مجموعة خطوات من أجل تعزيز مكانته. وتشمل هذه الخطوات عملية تطهير عميقة للجيش من العناصر التي تعتبر تهديداً لحكمه، وتحييد خصومه في الجهاز القضائي، وتعميق سيطرته على وسائل الاعلام وإضعاف خصومه السياسيين. وتطبيق هذه الخطوات سيؤدي إلى المس بالديمقراطية وحرية الفرد في الدولة وإنشاء واقع من ديموقراطية هي فعلياً ديكتاتورية الأكثرية.
•المعركة الاقتصادية: في الفترة الأخيرة عانت تركيا جملة صعوبات اقتصادية منها ما هو نتيجة الأزمة المستمرة في العلاقات مع روسيا، وموجة الهجمات التي وقعت في تركيا، والآن محاولة الانقلاب. يدرك أردوغان أن جزءاً أساسياً من شعبيته مصدره النجاحات الاقتصادية التركية، لذا فهو بحاجة إلى العمل بسرعة من أجل تحسين وضع بلاده الاقتصادي، وتحسين علاقات تركيا مع روسيا وإسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط مثل مصر، وهذا من شأنه المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي في تركيا.
•المعركة ضد الأكراد: خلال السنة الأخيرة خاض نظام أردوغان معركة سياسية وعسكرية ضد الأكراد في بلاده، وبصوة خاصة ضد تنظيم الـPKK [حزب العمال الكردستاني] الذي يقوم بأعمال عنف ضد السلطات التركية. والظاهر أنه بعد نجاحه في إحباط الانقلاب ضده سيواصل أردوغان انتهاج الخط المتشدد ضد الأقلية الكردية في تركيا، وسيتخذ المزيد من الخطوات لمنع قيام كيان كردي مستقل في سورية.
•الأزمة في سورية والعراق والمعركة ضد تنظيم داعش: لتركيا مصلحة حيوية في إنهاء الحرب في المنطقة وفي بلورة ترتيبات مستقبلية تخدم مصالحها، ومن ذلك القضاء على تهديد الإسلام الراديكالي السلفي لتنظيم داعش، ومنع قيام دولة كردية، والاطاحة بنظام الأسد وتقليص النفوذ الإيراني في سورية. ومن أجل تحقيق هذه المصالح سيعمل أردوغان على توسيع التعاون مع قوى إقليمية من بينها تحالف الدول السنية بقيادة السعودية.
•مشكلة الأزمة الانسانية واللاجئين: تستضيف تركيا على أراضيها قرابة مليوني لاجئ أغلبيتهم من سورية والعراق ودول إسلامية أخرى. ويشكل اللاجئون عبئاً كبيراً على الاقتصاد التركي ويهددون بنشوء بنية تحتية إرهابية. إن تركيا تشكل ممراً مركزياً لهجرة اللاجئين إلى أوروبا، وستظل هذه القضية محور اتصالات بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي.
•في الخلاصة، يبدو أن محاولة الانقلاب ستؤدي إلى تعزيز سلطة أردوغان وقمع شديد لمعارضيه. لكن معالجة المشكلات الأساسية الداخلية في تركيا والسياسية التركية تجاه مشكلات إقليمية ودولية، ليس من المتوقع أن تتغير بعد إحباط الانقلاب.