من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•حين بدأت الجبهة الدبلوماسية التركية في الاستقرار، جاء هجوم الأمس على مطار أتاتورك حيث وقع عدد كبير من الاصابات، كي يوضح مجدداً أين هي الجبهة الحقيقية. إن هذا الهجوم هو الثاني هذا الشهر، والسابع منذ السنة الماضية، وجزء من هذه الهجمات نفذها أعضاء في حزب العمال الكردستاني PKK، وجزء آخر قام به تنظيم داعش. منذ وقت طويل لم يعد في استطاعة تركيا ادعاء أنها محصنة في وجه هجمات داعش، بعد انضمامها إلى المنظومة العسكرية للائتلاف الغربي.
•من الصعب ارتجال هجوم من هذا النوع وتنفيذه في اللحظة الأخيرة، وهذا يدل على أنه برغم الجهود الاستخباراتية الضخمة التي توظفها تركيا من أجل الكشف عن خلايا داعش، والحرب التي لا هوادة فيها التي تشنها ضد أعضاء الـPKK، توجد في تركيا بنية تحتية ارهابية فاعلة قادرة على التملص من رقابة الرادارات الاستخباراتية وضرب أهداف مدنية.
•من المبالغة ربط توقيت الهجوم بتوقيع اتفاق المصالحة مع إسرائيل أو باعتذار أردوغان من بوتين عن اسقاط الطائرة الروسية، لكن هذا الهجوم يقضي على الأمل الذي وضعته تركيا بأن يؤدي الاتفاق مع إسرائيل وترميم العلاقات بين الدولتين إلى انقلاب في حركة السياح.
•منذ فترة طويلة تعتبر تركيا دولة خطرة، لكن الهجوم على مطار يعج بقوات الأمن وتستخدم فيه تدابير أمنية تعتبر ناجعة، يدل ليس فقط على شجاعة وقدرة بل أيضاً على أن هناك قفزة في درجة أهداف الهجمات التي هي فعلاً موجهة ضد تركيا، لكنها تستخدم أيضاً لتمرير رسالة دولية مثلما حدث في مطار بروكسل.
•لم يكن الوضع في تركيا على هذه الصورة قبل ثمانية أشهر فقط، حين كانت ما تزال تعتبر تتعاون مع داعش. فقد اتهم نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف، أردوغان بعد أسبوع على اسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 قائلاً: "لدينا إثباتات على أن تركيا أسقطت طائرتنا للدفاع عن داعش. وتركيا وأردوغان وأبناء عائلته يستفيدون من تجارة النفط مع داعش". ورد أردوغان على الاتهام: "أستقيل من منصبي إذا قدمت روسيا أي إثبات".
وتبع تبادل الهجوم الكلامي فوراً فرض عقوبات اقتصادية روسية هي أقسى ما عرفته تركيا، إذ خسر عمال أتراك في روسيا أذونات عملهم، واضطرت شركات تركية إلى تقليص حجم أعمالها في روسيا، وتوقف دخول الخضار والفواكه إليها من تركيا، وكانت الضربة الأقسى وقف السياحة الروسية إلى تركيا. وأدى كل ذلك إلى انهيار مئات الفنادق والمطاعم والمتاجر التي تعتمد في دخلها على نحو خمسة ملايين روسي في السنة. وتحدثت تقديرات اتحاد المستثمرين في السياحة في تركيا عن خسارة متوقعة بنحو 15 مليار دولار خلال سنة 2016.
•يكفي ذلك لتوضيح الضرورة الملحة التي دفعت أردوغان إلى الاعتذار من بوتين وإرسال رسالة له يعبر فيها ليس فقط عن أسفه واعتذاره بل أضاف إليها كلمات حارة عن الصداقة التركية - الروسية. ولا يتعلق الأمر بالاقتصاد فحسب، فقد تحولت روسيا إلى حليف للمتمردين الأكراد في سورية الذين تتهمهم تركيا بالتعاون مع الـPKK الذي تعتبره أنقرة حزباً إرهابياً. كما أن احتمالات توسع الجيب الكردي في سورية والتواصل الإقليمي بين الأكراد ونشوء قاعدة لمنطقة حكم ذاتي تحت المظلة الروسية، تقلق تركيا أكثر من الضرر الاقتصادي. لقد نجحت تركيا في اقناع واشنطن بعدم تقديم المساعدة المباشرة للميليشيات الكردية، لكن لم يكن لديها أي علاقة سياسية مع روسيا طوال الأشهر الثمانية الأخيرة. ومن المنتظر أن يتحدث اليوم أردوغان هاتفياً للمرة الأولى مع بوتين، وبعد أيام سيلتقي وزير الخارجية التركي نظيره الروسي لافروف في منتجع سوتشي.
•تحتاج تركيا إلى شبكة علاقات طبيعية ليس مع إسرائيل فقط، التي تستطيع السماح لأنقرة بالدخول إلى الساحة الفلسطينية، على الأقل في غزة، فهي مضطرة أيضاً إلى توسيع علاقاتها مع الشرق الأوسط العربي الذي ابتعدت عنه طوال سنوات، فالخلاف العميق مع مصر الذي نشأ بعد طرد رجل الإخوان المسلمين محمد مرسي وسيطرة خصمه عبد الفتاح السيسي على الحكم، وضع تركيا في مواجهة أزمة حتى مع دول خليجية، خاصة مع السعودية. لكن بعد وفاة الملك عبد الله وتتويج الملك سلمان في مطلع العام، حظيت تركيا بفرصة نادرة عندما قرر الملك الجديد تشكيل ائتلاف سني ضد إيران وضم تركيا إلى هذا الحلف كعضو شرف.
•وعندما زار الملك السعودي تركيا سعى إلى المصالحة بينها وبين مصر وإقناع أردوغان بالاعتراف بالسيسي كرئيس شرعي، لكنه فشل. ربما الآن وبعد المصالحة مع إسرائيل ومع روسيا من المحتمل أن يغير أردوغان علاقته بمصر التي يمكن أن تشكل جسراً تجارياً مهماً بين تركيا وأوروبا.
•ليست وحدها السياسات الإقليمية هي محور سياسة أردوغان الجديدة، فالتغيرات المتوقعة في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، والمفاوضات الدائرة ببطء بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد، والمطالبة الأوروبية بتغيير قانون الارهاب وضمان حرية التعبير كشرطين لإلغاء الحاجة إلى حصول المواطنين الأتراك على تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد، كل ذلك يثير غضب أردوغان ويشجعه على اعادة بناء حلقة الدول الصديقة لتركيا. ومن المنتظر أن يتيح استئناف العلاقات مع روسيا التي تزود تركيا بأكثر من نصف استهلاكها من الغاز، واستئناف العلاقات مع إسرائيل، التخفيف من تبعية تركيا لروسيا وإيران، كما يمكن أن يمنح ذلك تركيا وزناً إقليمياً هي بحاجة إليه كي توضح للاتحاد الأوروبي أنها ليست تابعة للعلاقة معه، وأنها ليست دولة معزولة، بل هي قادرة على أن تصبح من جديد لاعباً فاعلاً في الساحة الإقليمية حيث فشلت المرة تلو الأخرى.