الموقف حيال المبادرة الفرنسية: موازنة بين الأمن والدبلوماسية
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

– Perspectives Paper رقم 342 [عن الإنكليزية]
المؤلف

•إن فقدان الطائرة المصرية (804) في طريقها من باريس الى القاهرة – المشتبه بحدوثه جراء عمل إرهابي – تصادف أن تزامن مع الجهود التي تبذلها كل من فرنسا ومصر لإحياء العملية السلمية الإسرائيلية – الفلسطينية. يجب عدم الربط بين الأمرين. ولكن بالنسبة لكلا البلدين، رؤيتهما للاعتبارات الأمنية الإقليمية تلعب دوراً هاماً في تحريك مبادرتهما الدبلوماسية. وإدراك ذلك يجب، وكما يبدو يوجد، ردود فعل لإسرائيل الدبلوماسية.

•إن أصجاب القرار السياسي في اسرائيل لديهم سبب وجيه للتخوف من المبادرات الفرنسية. إن القادة الفرنسيين لأسباب كثيرة، على رأسها الضغط الممارس من قبل أقلية كبيرة وصاخبة، اتضح أنهم يميلون أكثر فأكثر لتأييد مشاريع مؤيدة للمطالب الفلسطينية. وفي لحظات أزمة، مثلاً خلال النقاشات الداخلية في الاتحاد الأوروبي أثناء القتال في غزة في العام 2014، كانت فرنسا هي التي قادت الاتحاد الأوروبي الى تأييد موقف يتعلق بالوضع الدائم للقدس يعكس المطالب الفلسطينية بشأن الحدود، وتغيير قرارات الأمم المتحدة. وهذا التوجه لفرض "مرجعيات" معادٍ للمصالح الإسرائيلية.

•تخطط فرنسا لعقد مؤتمر حول العملية السلمية في الشرق الأوسط في باريس في 3 حزيران/يونيه، يحضره لاعبون دوليون وإقليميون متنوعون – في غياب الطرفين المعنيين [إسرائيل والفلسطينيون]. ردود الفعل الإسرائيلية تجاه هذه المبادرة كانت هادئة، والزياراتان اللتان قام بهما للقدس رئيس الحكومة ووزير الخارجية الفرنسيين كانتا ودّيتين. ومن أجل تفسير ذلك، من الضروري إلقاء نظرة أشمل على الديناميات الإقليمية وعلى ردود الفعل السياسية الفرنسية، التي تميل الى الإنحياز الوثيق الى المواقف الإسرائيلية تجاه القضية المهمة فعلاً: الحاجة الى مواجهة التهديد الذي يمثله الإستبداد الشمولي (totalitarianism) الإسلامي الراديكالي.

•في أكثر من مناسبة، كانت المواقف والأفعال الفرنسية فيما بتعلق بهذا الموضوع من وجهة النظر الإسرائيلي مطمئنة أكثر من مواقف الحليف الأميركي. على سبيل المثال، فرنسا كانت الأكثر ثباتاً وتشدداً في المفاوضات بين الـ 5 + 1 [وبين إيران بشأن مشروع إيران النووي] وكانت فرنسا هي التي أثارت تساؤلات بشأن إمكان الوثوق بمصداقية إيران في تطبيق الاتفاق (مع أن المصالح الاقتصادية الفرنسية كانت من بين أول من سارع الى طرق أبواب طهران).

•وفيما يتعلق بالعمل ضد المجموعات الإرهابية الاسلامية، فقد قامت القوات الفرنسية بأكثر من معظم القوات الأخرى في هذا المجال، بما في ذلك الحملة الدراماتيكية في مالي [....]

•على هذه الخلفية اتبعت القيادة الإسرائيلي خطاً حذراً في رد فعلها حيال المبادرة الفرنسية. لقد أوضحت إسرائيل مراراً أن المبادرة الفرنسية ستثمر نتائج عكسية لأنها ستبعد القيادة الفلسطينية أكثر عن القبول بتسويات على طاولة المفاوضات. ولكن هذه النقطة لم تطرح بشكل عدائي، والدوافع والصداقة الفرنسية مع اسرائيل لم تكن في أي وقت من الأوقات موضع تساؤل. ويعكس رد الفعل المعتدل هذا قبل كل شيء أهمية الضرورات القاهرة الإقليمية في حسابات إسرائيل الدبلوماسية الراهنة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2384