"حماس" تتخوف من خسارة تفوقها في الأنفاق، والقطاع يغلي مجدداً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•قطاع غزة يغلي من جديد. بعد مرور أسبوعين على اعلان الجيش الإسرائيلي الكشف عن نفق هجومي حفرته "حماس" إلى داخل أراضي إسرائيل بالقرب من كيبوتس حوليت، يبدو أن مستوى التوتر على الحدود ما يزال مرتفعاً جداً. في يوم الثلاثاء أطلقت عيارات نارية من سلاح خفيف على آليات هندسية تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تعمل بالقرب من السياج الحدودي شمالي القطاع. لم يؤد الحادث إلى وقوع إصابات، وحدث بعد مرور ساعات معدودة على الجولة التي قام بها رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان، على الحدود الجنوبية للقطاع، والتي زاروا خلالها النفق الذي اكتشف في الفترة الأخيرة.

•ويبدو أن المسؤولين عن إطلاق النار أعضاء في أحد التنظيمات السلفية التي تخرق تعليمات سلطة "حماس" في القطاع القاضية بالامتناع عن الاحتكاك العسكري المباشر مع إسرائيل. لكن بينما تنشر الحركة قوة قوامها مئات الأشخاص مهمتهم منع الهجمات على الجيش الإسرائيلي على طول الحدود، فإنها تواصل أيضاً تهديد إسرائيل. ففي تجمع جرى في غزة يوم الجمعة الماضي، حذّر الناطق بلسان الذراع العسكرية لـ"حماس" لـ"المرة الأخيرة"، من "أن الخيار هو بين رفع الحصار عن غزة أو الانفجار". وفي الوقت عينه أطلقت "حماس" حملة دعائية كبيرة عبر لوحات إعلانية في القطاع، يتوجه أحدها إلى رئيس الحكومة نتنياهو باللغة العبرية بالقول إن "جنودك ما يزالون في غزة"، وإلى جانب صورة نتنياهو وضعت صور للجنديين الإسرائيليين اللذين لا تزال الحركة تحتفظ بجثتيهما، بالإضافة إلى مواطنين إسرائيليين اثنين تحتفظ بهما "حماس" بعد اجتيازهما حدود القطاع. وفي إعلان آخر نرى تدريبات أفراد الذراع العسكرية "ما وراء خطوط العدو"، وصورة صاروخ تحت عنوان"التهديد القسّامي".

•ومغزى هذه الإعلانات واضح للغاية. تجد "حماس" نفسها تحت ضغط مزدوج. فمن جهة هناك الوضع الداخلي الصعب في القطاع حيث تلاقي الحركة صعوبة في توفير الحد الأدنى من البنى التحتية التي تسمح بحياة طبيعية (توفير الكهرباء، ومياه الشرب، وشبكة صرف صحي)، وهي لم تنجح في تحسين علاقاتها المتوترة مع مصر. 

•ومن جهة أخرى، تعلن إسرائيل عن تطوير حل تكنولوجي للكشف عن أنفاق وتواصل بنشاط أعمالاً هندسية على طول الحدود. ومنذ انتهاء جولة القتال الأخيرة في القطاع، أي عملية "الجرف الصامد" في صيف 2014، وظفت المؤسسة الأمنية نحو 600 مليون شيكل في تطوير تكنولوجيات ضد الأنفاق. وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدة خاصة إلى إسرائيل بقيمة 120 مليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة من أجل الهدف عينه - ومن المنتظر أن تزداد الاستثمارات.

•نسبياً، شكلت الأنفاق قصة النجاح الأساسية لـ"حماس" في الحرب الأخيرة، فالإطلاق الكثيف للصواريخ لم يكن فعالاً لأن معظم هذه الصواريخ سقط في أراض مفتوحة أو جرى اعتراضه بواسطة بطاريات القبة الحديدية، وكان عدد الإصابات في إسرائيل ضئيلاً نسبياً (لقد كان السلاح الأكثر فتكاً هو قذائف مدافع الهاون ذات المدى القصير التي أُصابت كيبوتسات في غلاف غزة ومناطق دخول قوات الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود). واستطاعت "حماس" بواسطة الأنفاق الهجومية أن تحقق مفاجأة أربكت الجيش وتسببت بعدة خسائر الأرواح. ويبدو أن الأنفاق هي الورقة الأساسية التي بقيت لـ"حماس" في مواجهة جولة قتال مستقبلية - ومن هنا التوظيف الكبير للحركة في وسائل وموارد من أجل محاولة إعادة بناء منظومة الأنفاق الهجومية.

•نجاح إسرائيلي محتمل آخر في الكشف عن أنفاق يقلق الحركة، لأنه يشكل أيضاً تهديداً على إنجازها المستقبلي وعلى روحيتها القتالية. ومن المحتمل أن هذا هو خلفية التهديدات المتجددة ضد إسرائيل، بالإضافة إلى رسالة من الذراع العسكرية للحركة إلى الذراع السياسية التي يتحفظ زعماؤها من تجديد القتال.

•إن كل هذا لن يؤدي على الأرجح إلى مواجهة إضافية، لكن هذه الأمور ترفع مستوى التوتر لدى الطرفين قبيل ذكرى يوم الاستقلال [يوم إعلان قيام دولة إسرائيل]. وفي الخلفية تحدث هجمات أيضاً في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية. بالأمس طُعن مواطن إسرائيلي مما أدى إلى اصابته بجروح متوسطة في المدينة القديمة. واليوم [الثلاثاء] جُرح ثلاثة جنود في حادث دهس غربي رام الله.

 

•ما يزال عدد الهجمات ضئيلاً نسبياً بالمقارنة مع ما حدث في الضفة قبل أشهر معدودة فقط، لكن لا يمكن الحديث عن هدوء تام للوضع هناك، فالهجمات تحدث يومياً على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله إسرائيل وأجهزة السلطة الفلسطينية من أجل إحباطها.