"حماس" بين التهدئة والتصعيد
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•ليس وحدهم سكان الجنوب من خرج مشوّش الفكر في الأيام الأخيرة بعد التصريحات التي انهالت عليهم عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن مستقبل "حماس". فقد تحدثت التقارير عن ازدياد سريع في قوة الذراع العسكرية لـ"حماس" وعن زيادة أعداد مقاتلي الحركة ونوعية الصواريخ التي لديها، والتي يمكنها تحويل هذه الذراع العسكرية بزعامة قائدها محمد ضيف، إلى "دولة داخل دولة" في حماستان قطاع غزة - فهي ذراع عسكرية تعمل وفقاً لاعتبارات قادتها من دون أن تأخذ في الحسبان الزعماء السياسيين أو إطاعتهم.

•من جهة أخرى، سارع مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية إلى التأكيد بأن "حماس" ما تزال ملتزمة بالمحافظة على الهدوء على طول الحدود مثلما فعلت في الأشهر الطويلة التي مرت بعد عملية الجرف الصامد، وأن وجهتها ليست نحو مواجهة بل نحو التهدئة والاستمرار في تعزيز سلطتها وصمودها في القطاع.

•لكن على الأرض استمر التوتر على طول الحدود، فهي ليست حدوداً هادئة مثل تلك التي عرفناها في هضبة الجولان عشية الحرب [الأهلية] في سورية، ولا هي مثل ما عرفناه على الحدود الشمالية خلال عشر سنوات منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. إن خط الحدود، وزيادة على ذلك قواعد اللعبة بين إسرائيل و"حماس"، ليست محددة ومتفقاً عليها، ومن حين إلى آخر تقع حوادت عنف - مثل تظاهرات فلسطينية أمام السياج أو محاولات تسلل، وأخيراً سعي "حماس" إلى تعزيز منظومتها العسكرية بما في ذلك شبكة الأنفاق. وفي المقابل هناك نشاط إسرائيلي على الحدود وأحياناً ما وراءها ضد هذه المنظومة.

•مما لا شك فيه أن لدى حكومة "حماس"، وبخلاف جيشها، مصلحة واضحة في الامتناع قدر الممكن عن التصعيد والتدهور نحو مواجهة إضافية، لأن قطاع غزة لم يتمكن بعد من استعادة عافيته إثر المواجهة السابقة في صيف 2014. وبخلاف حزب الله في لبنان، لا تملك "حماس" جبهة خلفية برية مثل سورية بزعامة بشار الأسد بمرافئها ومطاراتها، وبما تمثله بالنسبة إلى حزب الله ورجاله. بل على العكس، فمصر السيسي معادية لـ"حماس" وتتمنى تصفيتها من إسرائيل، التي تفكر دائماً بمسألة من هو البديل عن الحركة؟ وهل بديل مثل - فوضى في القطاع مع سيطرة داعش - هو الأفضل لها؟

•إن من يرعى "حماس" هما قطر وتركيا، اللتان هما دولتان سنيتان معاديتان لإيران، وفي الوقت عينه تجريان حواراً مع إسرائيل. إن المصالحة التركية - الإسرائيلية المتوقعة في أي لحظة، ستساهم أيضاً في تهدئة "حماس". وفي النهاية، وبخلاف حزب الله الذي نجح في إقناع اللبنانيين بأن إبقاء المواجهة مع إسرائيل لا يعطل إعادة إعمار لبنان واستمرار الحياة اليومية فيه، فإن كل فلسطيني يعلم أن السبيل إلى إخراج غزة من مستنقع الوحل ومياه المجارير التي تغرق فيها، تمر عبر القدس وتتطلب حواراً وتفاهماً مع إسرائيل.

•إنما في المقابل، "حماس" ليست حركة هرمية منظمة يملك زعماؤها سيطرة كاملة حتى آخر عضو أو مقاتل. كما أنها مضطرة لأسباب سياسية فلسطينية– داخلية إلى القبول بوجود مجموعات أخرى مثل الجهاد الإسلامي، لديها حساباتها ومصالحها الخاصة. وينطوي هذا الضعف على مشكلات ويتيح نشوء وضع تريد فيه إحدى يدي "حماس" التهدئة، وتضغط اليد الأخرى نحو التصعيد أو إبقاء توتر دائم على طول الحدود.

•في نهاية الأمر، كل سنتين أو ثلاث تنشب مواجهة على الحدود لم يتوقعها أحد ولا يريدها أحد، لكن للوضع على الأرض قواته ودينامياته الخاصة.

•وبالإضافة إلى هذا كله، لا يمكن الفصل فصلاً كاملاً بين قطاع غزة ويهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وحقيقة أن "حماس" تحافظ على الهدوء على حدود القطاع لكنها تعمل من خلال أعضائها في يهودا والسامرة على تحريض الشارع وتأجيج النفوس وإشعال النار، لا بد من أن تشعل النار في غزة أيضاً.

•إن سياسة إسرائيل إزاء غزة يجب أن تكون جهداً مشتركاً: فمن جهة تعزيز الردع الإسرائيلي، وإلى جانب إنعاش اقتصادي للقطاع بحيث يؤدي ذلك إلى ضغط من الشارع الغزاوي على قادة "حماس" من أجل المحافظة على التهدئة والاستقرار مثل التهدئة والاستقرار اللذين يلتزم بتوفيرهما قادة السلطة الفلسطينية في الضفة. وفي الوقت عينه الاستعداد للمواجهة إذا حدثت، بطريقة تضمن ألا تستمر 50 يوماً وأن تنتهي بتسوية مناسبة لإسرائيل خلال ساعات أو أيام معدودة. 

 

 

 

 

المزيد ضمن العدد 2355