•إن المسألة التي تفرض نفسها بعد اعلان نتنياهو بالأمس أن هضبة الجولان ستبقى إلى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية هي: سيدي رئيس الحكومة، انظر إلينا مواجهةً وكذّب أنك أعربت قبل خمسة أعوام عن موافقتك في مفاوضات سرية مع الرئيس الأسد، بواسطة الأميركيين، على توقيع اتفاق سلام مقابل العودة إلى حدود 1967.
•إذن، متى قال نتنياهو الحقيقة: بالأمس عندما أقسم يمين الولاء للجولان، أو قبل خمسة أعوام (وفي مناسبتين إضافيتين قبل ذلك) حين وافق على إعادة الجولان إلى السوريين مقابل تطبيع العلاقات؟
•قبل خمسة أعوام فاجأ نتنياهو، حتى الأميركيين، عندما أعرب عن استعداد مبدئي في محادثات أجراها مع دنيس روس، للانسحاب إلى شاطئ بحيرة طبريا - إذا وافق الأسد على جملة شروط، من بينها الانفصال عن إيران وعن حزب الله. الدبلوماسي الأميركي فردريك هوف الذي وثّق المحادثات فوجئ هو وروس بموافقة نتنياهو على المطالب السورية.
•قلائل في الجانب الإسرائيلي كانوا على معرفة بالمفاوضات السرية، وكان رئيس الطاقم الأمني - السياسي في وزارة الدفاع آنذاك العميد مايك هيرتسوغ، من بين هؤلاء. وبعد أن كشفت "يديعوت أحرونوت" المفاوضات، أكد هيرتسوغ حدوثها وأخبر صحيفة "نيويورك تايمز": "مبادرة الحل بدأت في صيف 2011. وكانت لدينا لائحة مطالب تفصيلية يجب أن يشملها اتفاق سلام في المستقبل". وأقرت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية أيضاً حدوث المفاوضات التي حاول ديوان رئيس الحكومة إخفاءها.
•أوساط نتنياهو ادعت أن ما جرى هو مبادرة أميركية اقترحت على إسرائيل، وشددوا على أن إسرائيل لم تستجب لها في أي مرحلة، لكن ما يتذكره مسؤولون أميركيون كبار عن الأمر مختلف، فهم يقولون إن المحادثات التي وافق خلالها نتنياهو على النزول من هضبة الجولان توقفت فقط بسبب الاضطرابات التي نشبت في سورية وأشعلت حرباً أهلية. وليس هذا كل شيء، فبروتوكولات المحادثات مدونة في وثائق سرية في ديوان رئيس الحكومة. ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن نتنياهو أجرى مرتين مفاوضات مع والد بشار، حافظ الأسد، بشأن انسحاب إسرائيلي من الجولان مقابل سلام.
•وماذا بشأن ادعاءات الذين يقولون بلسان الحكومة بأنه لو كنّا وقعنا اتفاقاً [مع سورية] لكنّا وجدنا أنفسنا في مواجهة داعش على مدخل طبريا؟ وماذا بشأن اعتقاد خبراء أن اتفاق سلام بين القدس ودمشق كان على الأرجح سينهي الحرب الأهلية - ويضع أيضاً حداً للتهديد الإسلامي.
•من الصعب الافتراض أن التصريحات التي صدرت بالأمس عن نتنياهو في معاليه - جملا ستنجح في طمس الحقيقة التاريخية، لأنها ليست مجموعة تصريحات فقط، بل هي محاولة مقصودة لاحتلال عناوين رئيسية في الصحف من خلال افتراض أن الحقيقة تلزمه.