اتفاق الجزيرتين يثير قلقاً أردنياً وإسرائيلياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

[السعودية تربط مصر بحبل النجاة التي هي ذاتها تزوده به]

•اتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الذي بواسطته جرت إعادة جزيرتي تيران وصنافير للسعودية أثار، كما هو متوقع، عاصفة سياسية في مصر وقلقاً في إسرائيل، إذ يدعي خصوم الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن بينهم أنصار الإخوان المسلمين، وحركة الاحتجاج "6 أبريل" وممثلو اليسار، أنه وفقاً للدستور، فليس من صلاحيات السيسي التنازل عن أي أرض من أراضي مصر.

•ويرفض السيسي وحكومته هذه الحجة بحجة أن الجزيرتين أجرتا لمصر في العام 1950 بهدف "تعزيز الدفاع عن مصر والسعودية في مواجهة العدوان الصهيوني".

•رسمياً مصر والسعوية على حق. فبالاستناد إلى المراسلات في الثمانينيات بين وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل ورئيس الحكومة المصرية عاطف صدقي حينها، طلب حسني مبارك من السعودية عدم إثارة موضوع ملكية الجزيرتين إلى أن تستكمل إسرائيل انسحابها بحسب اتفاق كامب ديفيد. وكان التخوف أن يدفع ذلك إسرائيل إلى رفض مناقشة الانسحاب من طابا بحجة أن الانسحاب من تيران وصنافير لا يشكل جزءاً من الاتفاقات لكونهما أراضي سعودية.

•لا يوجد خلاف بين مصر والسعودية بخصوص ملكية الجزيرتين، وعلى الرغم من ذلك فقد عقدت الدولتان سبعة اجتماعات بين عامي 2007 و2016 من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود بينهما. وجرت هذه المحادثات كجزء من سياسة الملك عبد الله، سلف الملك سلمان، الذي طالب بإنجاز ترسيم الحدود بين السعودية والسودان ومصر والأردن.

•على الرغم من أن هذا ليس تنازلاً عن أراض مصرية، فقد اعتبر الاتفاق في مصر أنه بمثابة دفع ثمن سياسي مقابل الاستثمارات الهائلة والمساعدة الاستثنائية التي قدمتها السعودية لمصر في السنوات الأخيرة، ومقابل المساعدة التي تعهدت بتقديمها لها خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن المنتظر أن تستثمر السعودية وشركات سعودية في مصر أكثر من 20 مليار دولار، وبالإضافة إلى ذلك ستقدم المملكة نحو مليار ونصف المليار دولار من أجل تنمية شمال سيناء، وستمول إنشاء جسر بين شرم الشيخ والسعودية، وستلبي حاجات مصر إلى الطاقة من خلال قروض بعيدة الأجل وفائدة منخفضة قدرها 2%.

•من جهتها تنتظر السعودية من مصر دعم موقفها فيما يتعلق بالحرب في سورية واليمن، حيث ليس من الواضح كم من الوقت سيستمر وقف إطلاق النار. وعلى ما يبدو، فإن مصر عقدت صفقة ممتازة، إذ حصلت مقابل أراض ليست لها على حبل انقاذ اقتصادي ممتاز، لكن حبل الانقاذ هذا هو أيضاً حبل ارتباط يحولها إلى دولة تابعة للسعودية.

•لقد أبلغت مصر إسرائيل بانتقال الجزيرتين اللتين وضعهما مدرج في اتفاق كمب ديفيد، وأي تغيير فيه يتطلب موافقة الطرفين. وكانت إسرائيل سمحت لمصر بإدخال مدفعية وسلاح جو إلى غرب سيناء على الحدود مع قطاع غزة، كجزء من الحرب ضد الارهاب وضد "حماس". رسمياً، لا يوجد في الاتفاق بند يمنع مصر من نقل مناطق خاضعة لسيادتها إلى سيادة دولة أخرى، ناهيك عن أن الجزيرتين معروف أنهما تشكلان جزءاً من الأراضي السعودية. لكن السيطرة السعودية تثير بعض القلق بشأن مستقبل حرية الملاحة، حيث أن السعودية، خلافاً لمصر، ليست ملزمة بها.

•وبهدف طمأنة إسرائيل أعلن وزير الخارجية السعودي أن بلاده ستلتزم بجميع التعهدات التي وقعتها مصر في ما يتعلق بحرية الملاحة. هذا الاعلان العام، مع أنه ليس موجهاً مباشرة إلى إسرائيل، فإنه يمكن أن يكفي، بالاضافة إلى أن السعودية تُعتبر حليفة للغرب عامة والولايات المتحدة بصورة خاصة. ويمكن أن يشكل هذا الاعلان اعترافاً غير رسمي باتفاقات كامب ديفيد التي تسبب توقيعها بمقاطعة عربية لمصر.

•السؤال المطروح الآن هو ليس فقط ما اذا كانت السعودية ستلتزم بحرية الملاحة، وإنما هو يتعلق بالتزامها بالبنود التي تمنع نشر قوات عسكرية في الجزيرتين، خاصة وأن السيطرة عليهما يمنحها أيضاً السيطرة على الذراع الشرقية من البحر الأحمر المؤدي إلى مرفأ العقبة. هذا القلق الإسرائيلي (والأردني) تقدم السعودية حلاً له على شاكلة صورة جسر يربط بين مصر والسعودية. فإذا جرى إنشاء الجسر الذي يربط آسيا بأفريقيا، وليس الدولتين فقط، فإنه سيشكل دائماً "ضماناً" ضد أي محاولة للمساس بحرية الملاحة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2351