•بحسب تقرير بنك إسرائيل المركزي الذي نشر يوم الأمس [الأحد] والذي تضمن [تحليلا للوضع الاقتصادي في إسرائيل ولأهم المؤشرات الاقتصادية] للعام 2015، فقد كانت محصلة العام إيجابية بالنسبة للاقتصاد عموماً. ويشير التقرير إلى نقاط مضيئة عديدة على صلة بالمرونة والتكيف اللذين يبديهما الاقتصاد المحلي، ولكنه يشير أيضاً إلى نقاط مقلقة تستدعي المراقبة.
في الجانب الإيجابي يفيد التقرير أن سوق العمل الإسرائيلية تتسم بمرونة كبيرة [resilience] وأن معدل البطالة في أدنى مستوياته [منذ عقود]، وأن الطلب على العمالة في السوق يتزايد. والمقصود بذلك أن كل باحث عن عمل يجد عملاً- على عكس الوضع في بعض الدول الأوروبية. في المقابل وعلى الرغم من معدل البطالة المنخفض ومن الطلب على العمالة، فقد ارتفعت الأجور الاسمية [nominal] بنسبة 2,3% فقط. ويعزو معدو التقرير عدم ارتفاع الأجور بوتيرة أسرع، من بين عدة أمور، إلى الإنتاجية الإسرائيلية المنخفضة، وعلى ما يبدو أيضاً إلى استفادة الجمهور من تراجع معدل التضخم [زيادة الأجور الحقيقية].
•وفي الجانب السلبي، يتبين أن معدل النمو الذي بلغ 2,5% في العام المنصرم [2015]، لم يتغير خلال الأعوام الأخيرة ولكنه أكثر تباطؤاً، ومحركه هو [زيادة] استهلاك الجمهور. ويسهم في زيادة الاستهلاك الخاص، من بين جملة أمور، معدل الفائدة صفر السائد في الاقتصاد. وأبعد من ذلك، هناك جمود مثير للقلق على صعيد الاستثمار في قطاعات متعددة ولا سيما في الصناعة [تراجع التصدير].
•ونلفت إلى أن معدل التضخم كان سلبياً في نهاية العام 2015. وبهذا المعنى يبدو أنهم في بنك إسرائيل المركزي تراجعوا عن التحذيرات السابقة بهذا الشأن، حتى إنهم يعترفون بأن التضخم المنخفض والسلبي ليس ناجماً عن ركود حاد، وبأن الأسعار انخفضت بسبب إصلاحات الحكومة [رقابة على أسعار بعض السلع] وانهيار أسعار الطاقة في العالم.
•إن تراجع أسعار الطاقة الكبير الذي لا يمت بصلة إلى ما يحدث في إسرائيل، كان بمثابة هدية ثمينة. فلقد وفر على الجمهور بحسب تقديرات بنك إسرائيل المركزي- انتبهوا لهذا الرقم- 5 مليارات دولار في غضون عامين ( ليس أقل من نسبة 1,6% من الناتج المحلي الإجمالي [GDP] خلال هذه الفترة الزمنية). ويبدو أن مصائب الروس والسعوديين كانت هدية غير بسيطة لمن يشتري منهم النفط.
•ووجه معدو التقرير انتقادات مبطنة لوزير المال [موشيه] كحلون. ويحارب وزير المال بنك إسرائيل المركزي على بعض الجبهات في أمور تخص المصارف، كما أشاروا تلميحاً إلى المشروع العزيز على قلبه وهو مشروع "الثمن للساكن" المصمم لتخفيض أسعار العقارات السكنية. فجاء في التقرير ما يلي: "الحكومة سوف تدعم أسعار الشقق السكنية من دون زيادة العرض بشكل ملحوظ. ومن غير الواضح كيف ستكون مفاعيل هذا المشروع".
•كما تطرق تقرير بنك إسرائيل المركزي إلى تطوير حقل الغاز البحري "لفيتان". وكما هو معروف، تعرقل تطويره في أعقاب الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا إلى حين تسوية مسألة "بند الاستقرار". ونذكر بأن الحكومة أرادت من وراء ذلك ضمان الاستقرار لشركات الطاقة، لكن المحكمة العليا طالبت بمنح أصحاب الحقوق في حقل الغاز المذكور شروطاً أفضل بواسطة قانون أو ضمانات.
ويوصي بنك إسرائيل الذي دعم في الفترة السابقة اتفاق الغاز، الحكومة، بمساعدة المبادرين الذين يطورون حقل الغاز لفيتان "مقابل حصة [للدولة] في أرباح مبيعات الغاز". وهذا موقف مثير للاهتمام، ومن المتوقع أن يطرح مجدداً في النقاشات غير المنتهية حول اتفاق الغاز.
•وهناك مسألة اقتصادية مهمة تتعلق بعجز الموازنة العامة الذي كان في نهاية العام المنصرم [2015] أقل من السقف الذي حددته الحكومة. وعجز الموازنة هو اقتراض حكومي يسدده الجمهور مستقبلاً. وتبعاً لذلك، فعندما ينخفض العجز فهذا يعني أن العبء على كاهل المواطنين ينخفض هو أيضاً.
•ويجدر التذكير بأنه في العام المنصرم كانت ميخال عبادي بويانجو، رئيسة ديوان المحاسبة العامة في وزارة المال تقوم عملياً مقام وزير المال، لأن ذاك العام كان عام "الطيار الآلي" على صعيد الموازنة العامة من جراء معركة انتخابات الكنيست. وفي الواقع، عندما لا يتدخل السياسيون ولا يديرون معارك موازنة عزيزة على الجمهور، تكون هذه وصفة لإدارة اقتصادية موفقة.
•وفي الختام، كان الاقتصاد الإسرائيلي في العام 2015 في وضع جيد. وهناك مجال لتحسين أمور، مثلما كانت هناك مكامن خلل مثيرة للقلق. لكن في ما يتعلق بما يمكن تحسينه، ينبغي أن نتذكر بأن التدخل الشعبوي مؤذ. وتبعاً لذلك، عندما تطبق سياسة اقتصادية، فينبغي العمل لكن بحرص شديد.