•الرغبة في إسقاط بنيامين نتنياهو تفقد بعض الصحف صوابها. هذا الصباح (يوم الخميس) نشرت صحيفة "هآرتس" استطلاعاً يظهر أن حزباً برئاسة غابي أشكينازي، موشيه كحلون، وجدعون ساعر، سيفوز في الانتخابات. وسيحظى بـ23 مقعداً، بينما وستنخفض مقاعد حزب الليكود إلى 22 مقعداً، وسيحصل حزب "يش عتيد" [يوجد مستقبل] على 13 مقعداً، أي أقل بسبعة مقاعد عن نتائج الاستطلاع السابق في "هآرتس". وسوف يتضرر حزب البيت اليهودي أيضاً وسيحصل وفقاً للاستطلاع على 10 مقاعد، وسينال حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان خمسة مقاعد، وسيدفع هو أيضاً ثمن قيام الحزب الافتراضي.
•دعونا نتفحص الاحتمالات. أولاً؛ لقد غادر جدعون ساعر الحياة السياسية قبل عام ونصف العام، لكنه لم يقدم استقالته قط من الليكود. وفي رأيي، إن فرص عودته إلى الساحة السياسية ضئيلة جداً، لكن حضوره على قائمة الانتظار يمنحه مزايا كبيرة في الحياة المدنية وعموماً. ومن غير الواضح لي كيف ينجح ساعر منذ اعتزاله في استخدام جيش من الصحافيين والمعلقين الكبار الذين يحرصون على ابقائه في العناوين الأولى في الصحف، كأنه ديفيد بن غوريون بعد اعتزاله في سديه بوكر، إنه ليس بن غوريون.
•ثانياً؛ إن اجتماع ساعر مع كحلون وأشكينازي وسياسيين آخرين هو كي يبقي ساعر نفسه على نار هادئة. ومن يسأل كحلون عن هذه الاجتماعات واللقاءات يحصل على جواب بسيط: "لا أريد أن أكون رئيساً للحكومة". يقول كحلون: "أريد أن أكون وزيراً للمال، قوياً ومع صلاحيات كاملة. هذا ما يهمني الآن وفي المستقبل أيضاً". بكلام آخر، كحلون لا يريد التنازل عن حزبه المستقل الذي أقامه والانضمام إلى مغامرات غريبة عجيبة من أجل الحصول على حقيبة المال، التي هي اليوم بيده.
•ثالثاً؛ ماذا تعني تركيبة ساعر- أشكينازي- كحلون؟ ومن سيكون على رأسها؟ هل سيتنازل ساعر لأشكينازي؟ أم العكس؟ وهل سيدخل رئيس الأركان السابق الحياة السياسية كي يكون الرقم الثاني في حزب يجب تأسيسه من جديد؟ ولماذا تحالف بين ساعر- كحلون- أشكينازي؟ لماذا لا يكون هناك تحالف بين يائير لبيد وكحلون وليبرمان؟ فهؤلاء يلتقون أيضاً طوال الوقت، وإذن، من يحتاج إلى ساعر؟ إنني على اقتناع بأن حزباً كهذا سيحصل في الاستطلاعات على عدد أكبر من المقاعد من حزب الليكود (ويمكن أن نجرب أيضاً تحالفاً يجمع بين بينت- لبيد- كحلون، او يعلون- ليبرمان- كحلون وغيرهم).
•رابعاً؛ ماذا بشأن المواقف؟ ساعر هو صقر ليكودي نجح في أن يصبح محبوباً من الاعلام بسبب علاقاته الشخصية ومواقفه الليبرالية في موضوعات اجتماعية ومدنية. وهو يعارض قيام دولة فلسطينية مثلما عارض الانفصال [عن قطاع غزة]. و كحلون أيضاً لديه مواقف يمينية مشابهة. أما أشكينازي فهو لغز، لكنني لم أسمعه قط يقول كلمة واحدة ضد الانفصال عن غزة. ولدي شعور بأن مواقفه السياسية بعيدة عن مواقف المتشددين في الليكود ومن بينهم ساعر، حتى الآن.
•خامساً؛ حان الوقت للتواضع قليلاً في ما يتعلق بجميع نظريات الاستيلاء على السلطة بواسطة أحزاب وسط تنشأ نتيجة تضافر ظروف عرضية. خلال سنة 1999 تأسس حزب وسط تزعمه أربعة نجوم سياسيين هم: يتسحاق مردخاي، ورئيس الأركان السابق أمنون ليفكين- شاحك، وروني ميلو ودان مريدور. وفي النهاية تزعم الحزب يتسحاق مردخاي. وقد توقعت الاستطلاعات حصول حزب الوسط هذا على 25 مقعداً، وأن يجذب إليه السياسيين من جميع الاتجاهات. لكن الأمر انتهى بما يعرفه الجميع: حصل الحزب على ستة مقاعد في صناديق الاقتراع، وتلا ذلك تداع قوي انتهى بتبخّر سريع في المشهد السياسي.
•كلمة أخيرة بشأن بنيامين نتنياهو. لقد نجح رئيس الحكومة في السخرية من الاستطلاعات السابقة، وفي ممارسة ألاعيبه الخاصة القبيحة على الناخبين، مما أدى إلى فوزه الكبير في الانتخابات. لا يمكن الاستخفاف بهذه القدرة على تحريك جمهور أسير من الناخبين. وبالأمس أيضاً عقد مؤتمراً صحافياً واستغل الهجمات في أوروبا من أجل توجيه أنظار الرأي العام إلى المكان الذي يريده. إن حزب الليكود بزعامة نتنياهو ماركة تجارية تاريخية من الصعب الاستخفاف بها. وأعتقد أنه حتى لو سقط نتنياهو، فإنه سيكون قد سقط جرّاء تحالفات داخل الليكود وليس خارجه. لكن حتى هذه اللحظة، ومع الأسف الشديد، فإن نتنياهو ثابت، أيضاً في الاعلام.