•إعلان دول الخليج والجامعة العربية تصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً ابتلعهما خلال الأسبوع الماضي الصدمة والغضب المحقان اللذان ثارا ضد أعضاء الكنيست من بلد [التجمع الوطني الديمقراطي] الذين أدانوا هذا القرار. لكن في الوقت الذي يجب إدانة موقفهم، يتعين علينا أن ننظر إلى الصورة الأوسع كي نفهم التغير الذي طرأ على العالم العربي وأي فرص نشأت بالإضافة إلى التهديدات.
•لقد اتخذت الجامعة العربية قراراً صحيحاً ومحقاً انضم إلى قرار دول الخليج. حزب الله هو تنظيم إرهابي، ولا يمكن لأي غطاء تغيير ذلك. ويجب الآن منعه من المشاركة في الانتخابات في لبنان ومنع تنظيمات ارهابية مثل حزب الله و"حماس" من الاقتراب من السلطة في سورية أو في أي مكان آخر من الشرق الأوسط. لكن كي يحدث ذلك، يتعين على العالم أن يصوغ مدوّنة (مجموعة قوانين) ديمقراطية عالمية تمنع مثل هذه التنظيمات من الصعود إلى السلطة. وهذه المدوّنة يجب أن تحدد ما هي الديموقراطية وما هي الشروط الأساسية لقيامها - وإجراء الانتخابات ليس الشرط الوحيد لها. كما يجب على المجتمع الدولي أن يحدد أطراً ديمقراطية تحظى باعتراف دولي. ومن شروط الديمقراطية أن استخدام القوة والسلاح يجب أن يكون في يد الحكومة وحدها. ويجب على كل تنظيم إرهابي أو ميليشيا مسلحة أن يقرر ما إذا كان يريد أن يكون تنظيماً إرهابياً أو حزباً سياسياً. وهذه القيود موجودة في العديد من الديمقراطيات التي تدافع عن نفسها.
•هذا ليس كفاحاً جديداً. عندما كنت وزيرة للخارجية سعيت إلى أن تكون هذه شروط الانتخابات في السلطة الفلسطينية في مواجهة "حماس"، ولو كان جرى حينها وضع مدوّنة ديموقراطية عالمية لكانت "حماس" مُنعت من الوصول إلى السلطة أو استخدام الإرهاب. كذلك لا يستطيع حزب الله أن يكون الذراع العسكرية لإيران وحزباً سياسياً. ولهذا السبب عندما جرى انتخاب "حماس" في غزة، بادرنا إلى وضع شروط في اللجنة الرباعية تمنع الحركة من الحصول على أي اعتراف أو شرعية دولية. وواصلت هذا الكفاح سنة 2011 عندما حذرت (كما جرى الكشف عنه في الفترة الأخيرة في رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية) من مغبة صعود عناصر متطرفة في مصر، وأيضاً في سنة 2013 عندما عملت على تجنيد الاتحاد الأوروبي كي يعلن رسمياً حزب الله تنظيماً إرهابياً.
•يشير دعم دول الخليج والجامعة العربية حالياً لهذا الإعلان إلى تغير إيجابي وتحديات جديدة، ويتعين على العالم الحر أن يتجند من أجلها. وانطباعي من مؤتمر ميونيخ الذي حضرته في الفترة الأخيرة، ومن المنتدى العالمي في باكو حيث تحدثت في نهاية الأسبوع الماضي، هو أن العالم الحر لا يواجه التحديات المطروحة أمامنا، وأنه بدلاً من أن يقود مشغول بالرد.
•إننا اليوم في ذروة حرب هي قبل كل شيء حرب دينية، وحرب على القيم. لكن بعكس كلام دونالد ترامب، هذه ليست حرباً للإسلام كله ضد اليهودية والمسيحية، إنما هي صراع بين مجموعات متطرفة في الإسلام تشوه الدين وتحارب كل من لا يشاركها أيديولوجيتها، وبين مسلمين آخرين ودول إسلامية معتدلة. وبالتالي فإن الصراع المهم الذي يجب أن يجري الآن ليس فقط بين العالم الحر وداعش، بل أيضاً داخل العالم الإسلامي، ويجب على العالم الحر أن يوحد جهوده مع المسلمين البراغماتيين.
•لا يوجد خيار آخر، إنه صراع على القيم، ومثل هذا الصراع يجب أن يكون في مصلحة العالم الحر، ومن يهمله سيصله في النهاية إلى داخل بلاده. لقد أثبتت السنة الأخيرة وموجات اللاجئين الهائلة التي تدفقت إلى أوروبا والولايات المتحدة أن ما اعتبر في أوروبا مشكلة بعيدة تخص الشرق الأوسط يمكن أن يتحول بسهولة إلى مشكلة مركزية داخلية.
•ممنوع أن يفكر العالم بأن عليه أن يختار بين إرهاب شيعي وإرهاب سني وأن تحالفاً مع إيران سينقذ الوضع. إيران وحزب الله ليسا حلاً لمشكلة داعش، بل هما جزء من المشكلة، لأنهما ينشران أيضاً الإرهاب في المنطقة. ويتعين على العالم الآن الانتقال من الدفاع إلى المبادرة وأن يتوحد من أجل النضال الكبير وأن يعقد تحالفات مع الدول الإسلامية المعتدلة مثل دول الخليج أو مع جزء من الدول الأعضاء في الجامعة العربية التي صنفت حزب الله تنظيماً إرهابياً، وترى أن المجموعات المتطرفة تدمر الدين. وحده تحديد قيم أساسية ديمقراطية، والتمسك بها في المستقبل سيوضح بصورة قاطعة هدف هذا الصراع المشترك، وسيمنع سيطرة تنظيمات إرهابية على المنظومات السياسية بعد انتهاء المعارك.
•إن إسرائيل بفضل قيمها وتحالفها مع الولايات المتحدة، تقف إلى جانب العالم الحر في هذا الصراع. ليس النزاع بيننا وبين الفلسطينيين هو سبب التطرف في العالم - لكن كلما تقدمنا نحو حل متفق عليه، سنتمكن من أن نكون جزءاً مهماً من التحالفات الإقليمية الناشئة، ومن تغيير وضعنا الاستراتيجي.