الانتفاضة الأكثر خطراً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•في الانتفاضة الأولى والثانية حدثت هجمات لم يكن عدد القتلى والجرحى فيهما بعيداً عن عدد ضحايا الهجمات في الأشهر الستة للانتفاضة الحالية  - على سبيل المثال الهجوم المرعب في فندق بارك، وفي الدولفينيريوم أو الهجوم الانتحاري المزدوج في بيت ليد، وأيضاً في هجمات أُخرى على باصات ومراكز تجارية.

•لماذا إذن يبدو أننا منفعلون من هجمات السكاكين حالياً أكثر مما انفعلنا حينذاك؟ أولاً، أيضاً انفعلنا جداً آنذاك، ولكن مرور الزمن خفف من حدة الانفعال. 

•ولكن، بالإضافة إلى ذلك، الانفعال الجماهيري، وبالطبع الإعلامي، أشد حدة في الانتفاضة الحالية، لأن الإحساس العام – كما يبدو لي – هو أنه لا نهاية، ولن تكون هناك نهاية، لهذه الهجمات. فبعد الانتفاضة الحالية ستأتي الانتفاضة المقبلة، وبعدها واحدة أخرى وواحدة أخرى. يا ربّاه، هذا لن ينتهي أبداً؟

•إن أسباب اندلاع الانتفاضة الحالية جرى الحديث عنها بإسهاب على صفحات كل جريدة وعلى شاشة كل تلفزيون، وظهر على شاشات المحطات التلفزيونية أفضل المعلقين ليفسروا كل رمشة عين فلسطينية. وجميع من تحدثوا خبراء كبار، ولكن لم يكن بينهم من قال كلاماً مفيداً وشرح لماذا يجب أن نقتُل ونُقتل. وفي رأيي المتواضع، هذه الانتفاضة أشد خطراً علينا من الانتفاضتين السابقتين لأن من يقوم بها الشباب الفلسطيني المحبط والمكتئب. إنهم، من ناحيتنا، جيل ضائع. سيبلغون سن المراهقة مع الكراهية والسكاكين، وسيحولون شبابهم إلى أسطورة فلسطينية. وسنلقاهم في المستقبل.

•وفي الحقيقة، لا يمكن فعل الكثير في مواجهة إرهاب كهذا. إن مسحة الأهمية المرتسمة على وجوه قادة الدولة وقوات الأمن وأقوالهم هي فقط لإخفاء شدة ارتباكهم. إن الأشخاص الذين فتشوا عن حلول عندما كان وزير الأمن الداخلي إردان، والمفوض العام للشرطة الشيخ لا يزالا طفلين، قد خبروا وشاهدوا وسمعوا كل شيء. ولذلك، فإن الاقتراحات الجديدة هي للاستهلاك الإذاعي والتلفزيوني فقط – ولا أحد يأخذها على محمل الجد. في السابق طردوا وهدموا وقتلوا وفعلوا كل ما يمكن فعله، ولكن مشهد القاتل الراكض على امتداد شاطىء البحر في يافا ستعود مرة بعد أُخرى للظهور على الشاشة الصغيرة، بأشكال مختلفة، أيضاً في الانتفاضة المقبلة والتي ستليها. هذه هي حياتنا في هذا العالم. وفي هذه الأثناء، فليطردوا، وليهدموا، وليفتّشوا. وإذا لم يحل كل ذلك المشكلة، فهو على الأقل يمكن أن يجلب أصواتاً في الانتخابات. وهذا شيء لا يستهان به.

 

•إن الجديد في هذه الانتفاضة، خلافاً للانتفاضتين السابقتين، هو الإحساس بأن هذا الأمر لا نهاية له. أولاد أولاد الفلسطينيين الحاليين – الذين يشارك جزء منهم في هذه الانتفاضة – سيكونون جزءاً من الانتفاضات المقبلة أيضاً. إن أطفال اليوم هم مقاتلو الغد. سيتعلمون على نحو أفضل أسرار استخدام السكاكين، وسيخرجون إلى الشوارع، وكل مواطن إسرائيلي، صغير أو طاعن في السن، سيكون هدفاً لهم. وستبهت الألوان على بوسترات الانتفاضة الحالية وتخلي المكان للشهداء الجدد. للشعب الفلسطيني لا يوجد مال ولا طعام، ولكن يوجد لديه أناس بكثرة الرمال على شاطىء البحر. ربما نحن نستخف بهم، ولكن هم لا يستخفون بنا.