من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•تواجه دولة إسرائيل اليوم ثلاثة تحديات استراتيجية: اليمين القومي، اليسار المتطرف، والوسط السطحي.
•اليمين القومي. يدعي كثيرون أن حركة العمل هي المذنبة في اقامة المستوطنات. وهذا كلام غير دقيق. لقد أخطأ يغآل ألون في الخليل (صادق على إنشاء كريات أربع بعد إقامتها)، وفشل يتسحاق رابين في سبسطية. لكن لدى حدوث الانقلاب سنة 1977 [سنة صعود حزب الليكود إلى السلطة]، كان عدد المستوطنين قليلاً. حكومات اليمين بزعامة مناحيم بيغن وأريئيل شارون هي التي أقامت قرابة 150 مستوطنة في شتى أنحاء الضفة، وخضعت أيضاً للحريديم، وقطعت نمط النمو المرتفع لاقتصاد إسرائيل، وتورطت في حرب كارثية في لبنان [الغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982].
•ومع السنوات، صارت الوطنية قومية متعصبة، وتخلت عن رصانة جابوتنسكي، وليبرالية بيغن، واستنارة مريدور وعقلانية ريفلين، وتحولت إلى قوة سياسية، تحريضية فظّة، وقوية تتصرف بصورة غير حكيمة ومن دون كوابح. وفي العقد الحالي، أنصار اليمين ما بعد الصهيونيين هم الذين يقوضون المشروع الصهيوني. والحريصون على أرض إسرائيل يخدمون كبار أعداء الوطن عبر محاولتهم خلق كيان سياسي ثنائي القومية سيكون فيه اليهود أقلية. وهم في الوقت عينه يدمرون قيماً (ديموقراطية) ويحطمون معايير (حكم سويّ) وينشئون مجتمعاً منقسماً وخائفاً يتعامل بعداء مع الأغراب. ويوماً بعد يوم يدمرون رؤيا هرتسل.
•اليسار المتطرف. كان ينبغي لفشل اليمين الإسرائيلي العميق أن يتيح لليسار الإسرائيلي تحقيق انتصار كبير واستعادة مقاليد الحكم. لكن لم يكن في إمكان اليسار المعتدل القيام بذلك بسبب تعرضه للهجوم المستمر من الداخل على يد أقصى اليسار. وعلى النقيض المطلق لآباء وأمهات حركة العمل التاريخية، فإن اليسار المتطرف سلبي في مجمله. هو لا يبني بل يحطم، وهو ليس إيجابياً ولكنه تدميري.
•هل قرأتم في الفترة الأخيرة اقتراحاً صدر عن اليسار المتطرف بشأن كيفية إنهاء الاحتلال على الرغم من أن ظروف شرق أوسط متوحش جعلت سلام اتفاق أوسلو أمراً مستحيلاً؟ وهل سمعتم من أعضائه عن خطة عامة بشأن كيفية تحويل إسرائيل إلى دولة تسودها المساواة والعدالة والازدهار أيضاً. إن روحية اليسار المتطرف هي روحية سلبية تقوم فقط على النقد. هل هناك تناسب بين المتطرفين من اليمين واليسار؟ كلا وكلا. لكن يوجد بينهما تعاون بعيد عن الأنظار. ولهذا فهو لا يقدم بديلاً حقيقياً، ويساهم اليسار المتطرف مساهمة كبيرة في إدامة حكم اليمين القومي إلى الأبد.
•الوسط السطحي. منذ قيام إسرائيل، يوجد فيها ما لا نهاية حزب وسط قديم (حزب العمل)، وخلال السنوات الأربعين الأخيرة برزت أحزاب وسط جديدة، دينامية ومتبدلة. ومثلت جميع هذه الحركات في الماضي وهي تمثل في الحاضر، الشعور الإسرائيلي الصحي الذي يعكس براغماتية وطنية. لكن منذ انهيار مبادرة إيهود باراك للسلام سنة 2000، لم يتبن أي من هذه الأحزاب خطة سياسية جدية مبتكرة وملزمة، ولم يضع أي منها خطة مدنية – اجتماعية شاملة تعيد بناء الجمهورية الإسرائيلية. والراهن اليوم هو أن الوسط الإسرائيلي لم يقترح على مواطني إسرائيل طريقاً ثالثاً مثل الذي اقترحه طوني بلير في الماضي على بريطانيا، وبيل كلينتون على الأميركيين. إن ضحالة الوسط المستمرة لم تتح له أن يتوحد ويزداد قوة فيتحول إلى قوة رائدة تحل محل اليمين وتعيد مجدداً معنى الدولة اليهودية الديموقراطية.
•وكما قيل لنا بإسهاب في المؤتمر المهم لمعهد دراسات الأمن القومي، فإن إسرائيل عرضة لمخاطر خارجية غير قليلة: إيران، وحزب الله، و"حماس، والفوضى العربية والجهاد الإسلامي، وBDS [حركة المقاطعة لإسرائيل]. لكن التهديد الاستراتيجي الحقيقي في سنة 2016 هو تهديد داخلي: إنه الفراغ الفكري والذاتي والقيادي الموجود في مركز حياتنا. وحده تجدد الوسط الإسرائيلي وتكاتفه وتوجهه نحو العمق، سيتيح لدولة إسرائيل التغلب على هذا الفراغ.