الفلسطينيون لن يستغلوا الفرصة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إعلان الشاباك اعتقال خلية تابعة لحركة "حماس" كانت تخطط لهجمات انتحارية، قدم معروفاً للفلسطينيين. وحتى إذا تبين أن الشكوك في أن الخلية كانت فعلاً تخطط لعمليات انتحارية مبالغ فيها كثيراً، فإن التقرير بحد ذاته يمنح الفلسطينيين مهلة اضافية كي يلتقطوا بصورة منظمة القفازات التي يرميها المهاجمون الأفراد بالسكاكين، أي أن ينتقلوا إلى مرحلة منطقية ومخطط لها وشعبية لثورة يتطلبها الواقع، ومن خلال لجم النضال المسلح. 

•لكن فرص مرحلة منطقية ضئيلة للغاية، فالزعامة الرسمية (السلطة الفلسطينية وحركة فتح) ليست معنية بها، وعلى ما يبدو غير قادرة على ذلك وستجد عموماً صعوبة في ترميم ثقة الجمهور الضرورية لمرحلة كهذه. كما أن المنظمات القديمة والصغيرة في منظمة التحرير ليست مؤهلة، وحركة "حماس" لا تفكر بمصطلحات تحرك شعبي غير مسلح. وتواصل "حماس" و"فتح" من خلال تنافسهما على السيطرة في تقسيم الشعب، وسيمر وقت طويل حتى تنشأ زعامة جديدة مختلفة.

•بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء "موجة التصعيد" نشأ روتين جديد أشد كثافةً من العنف الإسرائيلي العسكري وعنف المخططات (البناء في المستوطنات)، ومن الهجمات اليومية الفردية ليائس فلسطيني، وثمة فجوة كبيرة تفصل بين  خطاب التضحية القتالي والتقاعس عن العمل.

•لقد أصبح تجاوز المدى في تصوير الأمور نمطاً ثابتاً. في وسائل الاعلام الفلسطيني يواصلون اظهار السهولة التي يقتل فيها المسلحون الإسرائيليون (عسكريين ومدنيين) فلسطينيين مشتبهين بنية القيام بهجوم. والحديث العام (في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الفايسبوك) ما يزال يتأرجح بين موقفين متناقضين: تجاهل ظاهرة السكاكين والضعف الاجتماعي الذي تنطوي عليه؛ والحداد على القتلى ووصفهم بالمساكين والتشكيك بالرواية الإسرائيلية.

•تريد السلطة الفلسطينية وقف التصعيد. ويوم الجمعة منعت بالقوة تظاهرة بالقرب من حاجز بيت إيل طالبت بإعادة جثامين فلسطينيين قتلهم جنود ورجال شرطة إسرائيليون. وبحسب تقرير صادر عن منظمة "الحق" الفلسطينية، تضغط السلطة الفلسطينية على العائلات الثكلى للموافقة على استرجاع الجثث ضمن الشروط الإسرائيلية. ثمة من يقول في الغرف المغلقة إن المهاجمين بالساكين تحركهم دوافع شخصية فقط، وإنهم طلاب مدارس يتطلعون إلى الحصول على سكين أو خنجر أو مقلاع. وعلى الرغم من ذلك، فلا توجد شخصية فلسطينية محترمة تتوجه نحو هؤلاء الشبان علناً وتتحدث إليهم وتطلب منهم ألا يذهبوا لملاقاة حتفهم الصامت في خلال أعمال تمرد.

•من المحتمل أن المهلة التي أعطاها الشاباك هي من أجل حوار أكثر علانية وصدقاً . هناك تخوف من الانجرار من جديد إلى سلبية شجاعة كما حدث في الانتفاضة الثانية، فالذين فرضوا أنفسهم بسرعة حينذاك هم المسلحون. وإذا كان هناك طابع شعبي- جماهيري في تلك الفترة، فقد برز من خلال تحمل عبء الهجمات العسكرية الإسرائيلية وحظر الحركة والتغلب على الخوف والدمار اليومي.

•يعتقد كثيرون أن تكتيك الهجمات الانتحارية أساء إلى النضال، لكنهم يمتنعون عن التعبير عن هذا الاستنتاج علناً، فمن غير المستحب الإساءة الى  عائلات القتلى والأسرى الذين كانوا متورطين، وليس مقبولاً التشكيك بقدسية السلاح، فأبو عبيدة، الناطق بلسان كتائب عز الدين القسام، وسمير القنطار ويحيى عياش، ما تزال أسماءهم معروفة ومشهورة بالنسبة للكثيرين ومحاطة بهالة من البطولة، في حين قلائل يعرفون أسماء الذين يحاولون بمثابرة وعناد تحريك نضال شعبي من خلال تظاهراتهم ضد جدار الفصل والمستوطنات.

•إن اليأس، والعقوبات الجماعية، وعدم الثقة بالزعامة وفقدان الوحدة الاجتماعية، كل ذلك يجعل احتمالات الهجمات بالسلاح على ما هي عليه حالياً، ولن تنجح إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية في إحباطها. وكل الجماهير التي ترفض اليوم المشاركة في النضال الشعبي، ستجد نفسها مرة أخرى تعاني من وطأة الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2282