جذور الإرهاب اليهودي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•بقدر ما تطول مدة توقيف المتهمين بجريمة إحراق [أسرة الدوابشة في قرية] دوما [الضفة الغربية]، يزداد الضغط من قبل الأقرباء والمقربين على اللواء اليهودي في جهاز "الشاباك"، إلى حد نزع الشرعية عن الدولة بشكل متهور. وهذا الهيجان قد يكون متوقعاً، لكن يجدر بنا أن نحاول تفحص إلى أي عمق تمتد جذوره، وإلى أي ارتفاع يصل. 

•ومن يجد صعوبة بشكل خاص في فهم الأمر هو الجمهور الديني - القومي [الصهيوني]، بما في ذلك كثير من المستوطنين. وهذا الجمهور بمعظمه، غير القادر بطبيعة الحال على تصور نفسه داعماً للقتل وسواه من أعمال العنف، مذهول ومذعور من أي رمز يربط بينه وبين ما يعرّف على أنه النواة الصلبة الفوضوية لـ"شبيبة التلال"، لكن [هذا الجمهور] يشمل في الواقع مجموعات من البالغين أوسع وأعقد بكثير من هذه النواة.

•إن عدم الفهم هذا يستدعي توضيحاً لعدة أسباب، وعلى رأسها مطالبة الناطقين والمؤيدين للإرهاب اليهودي بالاعتراف بهم على أنهم ورثة حركة "غوش إيمونيم" [الصادقين والشجعان]. "ماذا حدث للجمهور الديني-القومي؟" ينخز إيليشوف هار - شالوم في مدونته، جيل الآباء غير المبالي بحسب رأيه بالتوقيفات والتحقيقات، "أين هم أساتذته؟ أين هم أولئك الذين يجيدون جيداً حرفة الاحتجاج وقطع الطرق المزدحمة بالنشيد الجارف والإيمان بعدالة الطريق؟".

•ويضيف هار - شالوم "نحن لسنا أعشاباً ضارة، وإنما [ثمرة] التربية بمنبعها الأصلي وأفضل حالاتها من دون سمات يأس أو شيخوخة". ويتهم المؤسسين الذين علموا أولادهم تراث "سبسطية" و"بيت هداسا" [مستوطنات في الخليل] فيقول: "أبناؤكم، جيل الاستمرار لجيلكم، أبناء حاخاميكم، يقبعون منذ أسابيع في أقبية 'الشاباك'... لكنهم أقوياء، لا داعي للقلق، فقد تلقوا تثقيفاً جيداً، لكن ماذا عنكم؟".

•والحاخام يوسي إليتسور، أحد مؤلفي كتاب "توراة الملك"، يتهم حاخامي السامرة الذين احتجوا بالفعل على اعتقال مقربين من المشتبه بهم، لكن قالوا إنهم يتمنون القبض على القتلة. حقاً؟ هل يأملون حقاً بأن "ينجح هؤلاء الكارهون من جهاز الشاباك في تدمير حياة يهود وإدخالهم إلى السجن لفترة سنوات لمجرد أنهم لم يسكتوا على سفك الدماء؟". 

•هل هناك أوضح من ذلك؟ على صفحات فايسبوك "نريد دولة يهودية" أو "عائدون إلى الجبل"، ونشرات أخبار مستقلة مثل "الصوت اليهودي"، وحركات مثل "ديريخ حاييم" للحاخام يتسحاق غينزبورغ التي تضم آلاف المؤيدين، الدعوات ليست أقل وضوحاً بل هي أكثر وضوحاً، مثل التصريح التالي: "نحن حقاً لا نعلم من فعل ذلك، ومن الواضح أنهم ليسوا المعتقلين، لكن الأكيد أن الأمر يتعلق بفريضة" [توراتية] (صفحة "نريد دولة يهودية"، تاريخ 3 كانون الأول/ ديسمبر 2015)، وهذه [الدعوات] مألوفة لدينا من صراخ "كهانا حي"، و[شعارات منظمة] "لهافا" [العنصرية]. 

•العنصرية والعنف أشكالهما متنوعة، لكن الفكرة واحدة: دولة نقية وفق أحكام الشريعة [اليهودية]، مملكة الإيمان بأي ثمن وفوراً. ولا يمكن أن نتصور أن الجمهور الديني - القومي لا يرى النبع الذي يروي هذه الجذور المسمومة: بدءاً من الحاخام شموئيل إلياهو الذي اعتبر أن أمر إبعاد بوعاز آلبرت من [مستوطنة] "يتسهار" [جنوبي نابلس] عام 2013 "أمر ضد صهيونية الرب تعالى"، مروراً بالحاخام دوف ليئور الذي زعم خلال تلك الزيارة الرامية لدعم آلبرت، أن الحكومة تقيد حركة اليهود مثلما كان يفعل الانتداب البريطاني، وصولاً إلى الحاخام إليعيزر ميلاميد ("من الوقاحة استدعاء حاخامين للتحقيق")، و"توراة الملك" و"باروخ هَغيفِر" [ليتسحاق غينزبورغ] وما إلى ذلك.

•لا شك في أن هذه الأحداث تحدث شرخاً في الجمهور الديني- القومي، لكن الخوف من خيانة في "القطاع" والذعر مما يتضح عنه، يمليان الصمت والإنكار اللذين يعززان داعمي الإرهاب اليهودي ويكرسانهم كقادة جدد للجمهور بأسره. وللأسف، الصمت هو بمثابة قبول ضمني.