أردوغان كان مضطراً لأن "يغيّر القرص" إزاء إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•منذ قضية السفينة "مافي مرمرة" [قيام كوماندوز سلاح البحر الإسرائيلي بمهاجمة السفينة التركية "مافي مرمرة" التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة في أيار/ مايو 2010]، لا يفوّت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أي فرصة لجلد إسرائيل من دون حساب. فقد شجع على إطلاق "سفن التعويض" إلى غزة، وفرش سجاجيد حمراء لقيادة "حماس" التي فرّت من سورية، وأوقف المشتريات العسكرية من إسرائيل، ومنع الطلعات الجوية العملانية لسلاح الجو [الإسرائيلي] في أجواء تركيا، وأوقف التنسيق الاستخباري، وهدّد بمحاكمة ضباط وجنود كانوا مشاركين في قضية مهاجمة السفينة، وخفّض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين أنقرة وتل أبيب، كما أنه لم يفوّت أي فرصة ليفتح فمه الكبير ضدنا.

•وبينما كان أردوغان يُعربد، نشب "الربيع" واجتاح العالم العربي. وعندما سقط الحكام أصبح أردوغان نجم الشارع من شمال أفريقيا حتى الخليج الفارسي. ونجحت هذه العربدة ضد إسرائيل، ووعد أردوغان الجماهير الغاضبة في تركيا بـ"صفر مشاكل".

•أمّا الآن فهو يغيّر الاتجاه. ومع ذلك، فإن الطاقم التركي الذي يعمل على صوغ اتفاق المصالحة بين أنقرة والقدس يحافظ على اهتمام إعلامي متدنٍ، فأردوغان يواجه مشكلة هي كيف يمكن أن يفصل بين الجوهر والأجندة؟، وكيف يعرض المصالحة مع إسرائيل من دون أن يخرج منها في صورة الفاشل مرة بعد أخرى؟، وكيف يسوّق إعادة السفيرين وإلغاء الدعاوى ضد ضباط الجيش الإسرائيلي وإغلاق مكاتب "حماس" في اسطنبول، من دون أن يتمكن من الإمساك بالميكروفون كما يطيب له متباهياً برفع الحصار عن غزة؟.

•ينبغي الانتباه إلى الموضوع الاقتصادي، فحتى في ظل الأجواء المعادية لم ينخفض حجم التجارة بين تركيا وإسرائيل بل بالعكس، تضاعف إلى 5,6 مليارات دولار في السنة. والسفن تنقل البضائع وتتوقف في إسرائيل، وتنتقل البضائع إلى الأردن وتحمل على شاحنات إلى العراق. والبضائع الإسرائيلية تباع من دون أي مشاكل في الأسواق التركية، والطلب على المعرفة التكنولوجية والخبراء الزراعيين الإسرائيليين يسجل ارتفاعاً متواصلاً. ففي هذا الشأن يبدو أن أردوغان ورئيس حكومته داود أوغلو اللذين أقسما بـ"بجعل إسرائيل تركع" غيّرا القرص، وانتقلا من سياسة "صفر مشاكل" إلى شعار "ما هو جيد للأتراك".

•عندما يكون اتفاق المصالحة جاهزاً للتوقيع ستواجه أردوغان مشكلة تسويق أيضاً. فهو الذي سيتعين عليه أن يبيعه إلى الحزب الحاكم الإسلامي الذي رفعه إلى منصب الرئيس ولم يحقق له في الانتخابات البرلمانية الأغلبية المطلوبة لتغيير الدستور. وهو الذي يتعين عليه أن يجد تفسيراً مقنعاً إذا ما أصرّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على إجراء احتفال توقيع مغطى إعلامياً لإظهار التحول في المواقف. كما أنه يدرك أن إسرائيل عرفت كيف تمسك به في لحظة ضعف.

•إن شروط أردوغان للمصالحة لم تتغير منذ قضية السفينة "مافي مرمرة". وهذه الشروط ثلاثة: أولاً، أن يعتذر نتنياهو عن قتل وإصابة مواطنين أتراك كانوا على متن السفينة (نتنياهو "أعرب عن أسفه" فقط)؛ ثانياً، أن تدفع إسرائيل تعويضات لعائلات القتلى والجرحى (إسرائيل وجدت صيغة التفافية تقضي بإقامة صندوق تعويضات)؛ ثالثاً، أن يُرفع الحصار المفروض عن غزة (إسرائيل أعلنت أن هذا ليس حصاراً كاملاً وأن المساعدات الإنسانية تمر وأن سكان القطاع يحصلون على تصاريح خروج "حسب الحاجة").

 

•غير أن أردوغان تلقى في الشهر الأخير ضربتين اقتصاديتين، فبسبب إسقاط الطائرة الروسية أُلغي مشروع نقل الغاز الطبيعي من روسيا، وانتقل مليونا سائح روسي خططوا لقضاء نهاية السنة الميلادية على شواطئ أنطاليا وفي أسواق اسطنبول إلى أماكن أخرى. ومع أن اتفاق المصالحة من شأنه أن يفتح إمكان التوصل إلى صفقة غاز طبيعي مع إسرائيل، إلا إن أردوغان يحتاج في المقابل إلى أن يعد بطرد صلاح العاروري وقادة "حماس" من الأراضي التركية، وبوقف الإجراءات القانونية ضد قادة سلاحي الجو والبحر وضد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] السابق عاموس يادلين.