إسرائيل أصبحت ناضجة لقبول حل الدولتين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•دفع وزير الخارجية جون كيري بنيامين نتنياهو إلى التعبير عن تأييده العلني لفكرة الدولتين فصرّح: "الحل هو دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية". 

•تدل التجربة على أن تصريحات نتنياهو ليست دليلاً على التزامه بها، لكن السياق الذي وردت فيه هذه التصريحات- رفض البديل أي الدولة الثنائية القومية- يدل على تطور مرّ به حل الدولتين وهو مؤشر إلى مستقبله.

•خلال الخمسين سنة الأخيرة كان مطروحاً على جدول أعمال دولة إسرائيل حل سياسي واحد لمشكلة المناطق المحتلة والسكان الفلسطينيين الذين يعيشون فيها هو حل الدولتين. وانقسمت الخريطة الحزبية بين مؤيد لهذا الحل ومعارض له. ويمكن القول أيضاً إن اليسار أيد الحل واليمين عارضه. وبرغم قلة عدد المؤيدين لحل الدولتين، فإنه لم يطرح قط حل سياسي آخر مقابله.

•وعملياً، فإن فكرة أرض إسرائيل الكاملة عبرت عن تطلع ورؤيا، وليس عن حل سياسي فعلي للمشكلة الفلسطينية. وأثبتت الخمسون سنة الأخيرة أن طرح حل سياسي معين من دون أن يكون في مواجهته بديل له، لا يؤدي إلى شيء.

•في الفترة الأخيرة، تصاعدت أكثر فأكثر أصوات من اليسار ضد فكرة الدولتين. وبدأ اليسار المتطرف في الخريطة الحزبية يتعامل مع حل الدولتين بوصفه فكرة مرّ عليها الزمن، سواء بسبب اعتقاد عدم توفر الشروط الجيوسياسية التي تسمح به، أو لعدم تطابقه مع معايير أخلاقية (لأنه عنصري، أو هو من بقايا الاستعمار، أو أنه يحافظ على ظلم النكبة وغيرها). وبدأ هذا اليسار بالتفكير وبلورة خطة حل سياسي جديد هي دولة لجميع مواطنيها. 

•الآن، وبعد أن تخلى اليسار عن حل الدولتين وإعلانه أنه فكرة مرّ عليها الزمن، ومع بدء بلورة بديل سياسي هو الدولة الثنائية القومية، والذي يلقي بظلاله على حل الدولتين ويصبغه بصبغة محافظة، أصبح في إمكان اليمين الإسرائيلي تبني الفكرة بوصفها الحل الأقل ضرراً من بين الحلول المقترحة.

وانضم الى مسعى دفع فكرة حل الدولتين إلى مركز الخريطة السياسية نفتالي بينت، الذي هو أيضاً بدأ ببلورة حل سياسي يستند إلى فكرة الدولة الواحدة. وعلى عكس رؤيا اليسار التي تقوم على المساواة بين الجميع، فإن الحل الذي يقترحه بينت هو أبرتهايد رسمي.

•إذا واصل بينت محاولاته الرامية إلى إجبار نتنياهو على التخلي عن فكرة حل الدولتين، فسوف يكتشف أنه بدلاً من تقريب نتنياهو فإنه يدفعه أكثر فأكثر نحو هذا الحل. والظاهر أن بينت لم يستوعب التغير في السياسة الدولية التي تعتبر أن الاحتمالات المطروحة على إسرائيل هي إما دولة ثنائية القومية أو دولتان لشعبين، ولا وجود للأبرتهايد.

•وفي النهاية، فإن المتطرفين هم الذين يحددون موقع الوسط السياسي. وبعد أن تخلى اليسار المتطرف عن فكرة الدولتين من أجل حل دولة لكل مواطنيها، ومع سعي اليمين المتطرف إلى دولة أبرتهايد، وعندما يُطلب من الخريطة الحزبية الاستعداد لخيارين وليس لحل واحد وحيد، يبدو أن إسرائيل لم تكن يوماً ناضجة مثل اليوم لقبول حل الدولتين.