إيران وحزب الله ليسا داعش لكنهما يمثلان خطراً ملموساً بالنسبة لإسرائيل
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•الهجوم الإرهابي الفتّاك الذي حدث في كاليفورنيا في نهاية الأسبوع الماضي وأودى بحياة 14 مواطناً أميركياً، هو تأكيد على أنه حتى عندما يحاول العالم الانفصال عن الشرق الأوسط بأزماته ومشكلاته، فإن الشرق الأوسط يطارده في عقر داره. لكن حتى في مواجهة الهجوم الإرهابي الأخير تجد الإدارة الأميركية صعوبة في تسمية الولد باسمه، وتحديد ماهية المشكلة التي يواجهها اليوم العالم الغربي- إرهاب إسلامي راديكالي- تنظيم داعش هو أحد وجوهه فقط.

•في الخطاب الذي وجهه أوباما في مطلع الأسبوع للشعب الأميركي، تعهد بأن تقضي الولايات المتحدة على تنظيم داعش، وتباهى بأن الهجمات الجوية الأميركية توجه ضربات قاصمة للتنظيم. لكنه في الوقت عينه حذر من الانجرار إلى حرب برية طويلة في سورية. وبرغم الكلام الحماسي للرئيس الأميركي، يبدو أن الصراع الذي يخوضه ضد داعش هو في الأساس صراع افتراضي (virtual) هدفه العلاقات العامة، صراع موجّه إلى الرأي العام في الغرب والولايات المتحدة، أكثر مما هو موجّه ضد داعش. فمن الواضح للجميع أن التنظيم لن يخضع من الجو، وإذا لم توجد قوة برية محلية تضربه فهو سيواصل العمل مطمئناً من معاقله في سورية والعراق.

•المشكلة هي أن الفراغ لا بد من أن يمتلئ. والفراغ الذي تركته وراءها واشنطن في المنطقة ولجت إليه موسكو. وفي الواقع يثير الوجود الروسي في المنطقة بالنسبة لإسرائيل ولدول عربية معتدلة جملة مشكلات. أولاً، لم يأت الروس إلى سورية لمحاربة تنظيم داعش إنما لإنقاذ بشار الأسد. وبالنسبة إليهم الصراع ضد هذا التنظيم يمكنه الانتظار حتى تأمين نظام بشار الأسد والقضاء على المتمردين المعتدلين الذين يحاربونه. ثانياً؛ المشكلة الأخطر هي أنه لإنقاذ الأسد عقد الروس حلفاً مع إيران، وبصورة غير مباشرة مع حزب الله.

•يذكّر هذا الواقع ببداية سنوات الألفين، حين وقفت إيران في مواجهة عدوين قويين: من الشرق نظام طالبان في أفغانستان، ومن الغرب نظام صدام حسين في العراق. لكن خلال ثلاث سنوات دمر الأميركيون بدلاً من طهران عدوّيها: ففي سنة 2001 غزوا أفغانستان وأسقطوا حكم طالبان؛ وفي سنة 2003 غزوا العراق وأسقطوا حكم صدام حسين. لقد كانت الخطوات الأميركية مبررة وضرورية بعد الهجمات الإرهابية للقاعدة بزعامة أسامة بن لادن الذي كان يقيم في أفغانستان، وإزاء وحشية صدام حسين. لكن الأميركيين لم ينجزوا المهمة حتى النهاية، وبإقدامهم على تصفية عدوّي إيران سمحوا لها بالتحول إلى قوة عظمى تروع الشرق الأوسط بأسره.

•اليوم يكرر الأميركيون أخطاءهم. وتحت شعار محاربة داعش التي تركوها للروس، يسمحون لمحور الشر - إيران سورية وحزب الله - بأن يرفع رأسه مجدداً. وفي الواقع، فإن الرابح على الأمد البعيد من التدخل الروسي سيكون إيران، فهي مثل حزب الله قوة محلية لها وجود على الأرض وقادرة على تحمل خسائر، وهذا ما لا يستطيعه الروس.

•إيران وحزب الله ظاهرياً ليسا مثل داعش. وطهران بزعامة روحاني التي انضمت إلى المجتمع الدولي بعد توقيع الاتفاق النووي هي اليوم شريكة مرغوب فيها في الصراع ضد الارهاب الإسلامي السني. لكن من وجهة نظر إسرائيل، فإن إيران وحزب الله يشكلان خطراً ملموساً، ليس فقط بسبب البرنامج النووي الإيراني، إنما بصورة خاصة بسبب عشرات آلاف الصواريخ التي زودت بها إيران تنظيم حزب الله في لبنان. نظرياً وعملياً وعلى أرض الواقع، لا تختلف إيران وحزب الله في نظر إسرائيل عن تنظيم داعش. صحيح أن لديهما مصالح تفرض عليهما أن يكونا براغماتيين، لكن شعار "الموت لإسرائيل" ما يزال يسمع في شوارع طهران بدعم من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية. وفي لبنان يحرص حزب الله على تعزيز منظوماته الصاروخية الموجهة كلها نحو إسرائيل.

•وفي وضع يتسم بعدم وجود الولايات المتحدة في المنطقة، وإزاء التخلّي الذي تقوم واشنطن في إطاره بتسليم المفاتيح لموسكو وتستعين انطلاقاً من اعتباراتها بالإيرانيين، فإن التحدي أصبح واضحاً لإسرائيل، وحسناً تفعل القدس إذا بلورت استراتيجية شاملة في مواجهة الواقع الجديد الآخذ في التشكل في المنطقة.