اتفاق أوسلو كان وسيبقى الإطار الصحيح لبناء حل الدولتين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

– مداخلة في مؤتمر السلام الذي تعقده "هآرتس"

•لقد كان شرفاً كبيراً وعظيماً لي شخصياً  أن أقف في حديقة البيت الأبيض الجنوبية، وأن أحضر المصافحة التاريخية بين الراحلين إسحاق رابين وياسر عرفات.

•بالمعنى الحرفي والرمزي، فإن المصافحة التي جرت في 13 أيلول/سبتمبر 1993 جمعت معاً حفيدي إبراهيم. وبالنسبة للكثير من الأميركيين وكذلك بالنسبة إليّ، فإن هذه اللحظة ربطت بين أجيال كثيرة في تاريخي العائلي. وحمل هذا أملاً للإسرائيليين والفلسطينيين وسكان العالم كله بأن السلام ممكن، وأن الخلافات القديمة يمكن تسويتها.

•وبرغم الصعوبات والألم اللذين نشهدهما حالياً، فإنني ما زلت أثق بالتعهد الذي أعطي في ذلك اليوم. وما زلت أؤمن من كل قلبي بفكرة ذكرها رابين مرات ومرات وهي: "يجب محاربة الإرهاب كما لو أن السلام غير موجود، وصنع السلام وكأن الإرهاب غير موجود".

•من المهم تذكر هذه الكلمات، ولا سيما أن الرئيس محمود عباس اتخذ قراراً خطراً عندما رفض المبادئ والتعاون اللذين اتُفق عليهما في أوسلو، واختار طريقاً ديماغوجياً بدلاً من أن يكون زعيماً تاريخياً لشعبه.

•إن قراراته تعرض للخطر ليس المؤسسات السياسية للسلطة الفلسطينية ومكانتها فقط، وإنما تعرض أيضاً للخطر التقدم والاحترام المتبادلين اللذين تحققا خلال أكثر من عقدين من التعاون الأمني. كما تهدد الإنجازات التي حققها الإسرائيليون والفلسطينيون معاً بجهد كبير وبالعمل جنباً إلى جنب من أجل تحقيق أمن مشترك وسلام دائم لأولادهم.

•وإذا كانت اتفاقات سلام بارزة مثل اتفاق أوسلو لم تؤدّ إلى نهاية الإرهاب نهاية مطلقة، فإن الموجة الأخيرة من العنف الموجه ضد المدنيين الإسرائيليين لن تضع حداً لمسعى أكثر شمولاً بشأن السلام. وبدلاً من رفض أوسلو، يتعين على الزعماء مواصلة التمسك به والبناء في إطاره مع إدخال التعديلات الملائمة للواقع المتغير.

•عندما نتفحص كيفية مواصلة البناء ضمن إطار أوسلو، لا يمكننا تجاهل التغيرات الكثيرة التي طرأت على البيئة منذ توقيع الاتفاق. لا نستطيع غض النظر عن الوضع الخطير والمتفجر في الشرق الأوسط، ولا عن الواقع الديمغرافي الذي سيرسم صورة المنطقة خلال الأجيال المقبلة.

•ونظراً إلى أن كل دولة في المنطقة مضطرة لأن تستعد من جديد لمواجهة الواقع السياسي الجديد، فإنه يتعين علينا أن نتخيل من جديد كيف يبدو الطريق إلى السلام واعتبار اتفاق أوسلو نقطة انطلاق. ففي نهاية الأمر يجب أن نقدّر الحقيقة التي فهمها الرئيس كلينتون ورئيس الحكومة رابين وهي: في هذه الأوقات التي يشكل التغير الثابت الوحيد فيها، يجب علينا اختيار التغير الذي يحمل حليفاً وليس خصماً.

•ما زلت آمل بإمكانية تحقيق السلام الدائم لأن البديل منه ليس مطروحاً. يعلم الإسرائيليون أنهم يحتاجون في القرن الحادي والعشرين إلى الاندماج في العالم من الناحية الاقتصادية. وهذا الأمر مهم جداً اليوم أكثر من أي وقت مضى. إن درجة أعلى من الازدهار المشترك للإسرائيليين وجيرانهم الفلسطينيين يمكن أن تتحقق عندما يستطيع الشعبان العيش جنباَ إلى جنب من خلال الاندماج وليس العزلة.

•وبرغم العقبات التي برزت في الفترة الأخيرة والعنف في المنطقة، ما زلت أؤمن بأن الباب ما يزال مفتوحاً أمام حل الدولتين الذي يحقق ما تعهد به أوسلو. لكن من أجل هذا الغرض المطلوب هو اعتراف من جانب الزعامة الفلسطينية بأن اتفاق أوسلو كان فرصة للسلام الشامل وليس هدفاً بحد ذاته.

•رأينا التقدم الذي كان ممكناً في الماضي عندما جرى تفضيل التعاون على المواجهة. وكيف أدى ذلك قبل أقل من 20 عاماً إلى أحد المنعطفات الديبلوماسية الكبرى في زمننا. إذا واصلنا تذكر الكلمات والأمثلة التي أعطاها رئيس الحكومة رابين- وإذا تعهد الطرفان بالعمل معاً كشركاء حقيقيين من أجل السلام- أعتقد أن أهداف أوسلو لن تبقى مجرد أمنيات وستصبح ممكنة التحقيق.