•بالرغم من أنه في الأيام الأخيرة بدأت تهب من واشنطن تجاه إسرائيل ريح باردة، فإن حقيقة إعلان رئيس الحكومة نتنياهو تأييده الصريح لحل الدولتين (وامتناعه في الوقت عينه عن انتقاد الاتفاق النووي)، بدد التوتر بينه وبين الرئيس أوباما، ووضع القمة التي عقدت أول من أمس على طريق واقعي وعملي. وحتى لو أن ذلك لم يكن بداية صداقة رائعة، فإن هذه المبادرة سمحت بنقل مركز النقاش إلى مشكلات ليست مليئة بالتوتر وترسبات الماضي، وتعكس إلى حد كبير جدول الأعمال الأمني في إسرائيل.
•على خلفية سلسلة الأزمات التي رافقت اللقاءات بين نتنياهو وأوباما ورفعت مستوى الشكوك بين الاثنين، فإن إعلان رئيس الحكومة أنه ملتزم بمجموعة المبادئ الموجودة في أساس "خطاب بار- إيلان" أزال ما كان سبباً في خلاف أساسي ظل مطروحاً على جدول الأعمال بعد أن تحول الاتفاق النووي مع إيران إلى حقيقة منتهية. وهكذا أصبح الطريق ممهداً أمام الطرفين لتسليط الضوء على مشكلات تتعلق بحجم وبنود رزمة المساعدات والتقديمات الأمنية لإسرائيل.
•إن القرار القاضي بتشكيل لجان عمل مشتركة تقوم في الأشهر المقبلة ببلورة مذكرة تفاهم بشأن المساعدات الأمنية خلال العقد المقبل، يشير إلى الطابع الجدي والإيجابي للحوار الدائر على محور واشنطن- القدس. وينطبق هذا الكلام أيضاً على النقاش الواسع النطاق الذي جرى بخصوص مواضيع الأمن الإقليمي التي تتطلب تحسين مستوى المساعدات المقدمة لإسرائيل في الأمد القصير، في ضوء خطر الإرهاب الذي يتربص بها من كل صوب جرّاء موجة التطرف العنيف التي تعصف بأسس مهمة في البيئة الشرق أوسطية.
•وهكذا بعد أن وضعت المشكلة الفلسطينية الشديدة التعقيد والاحتكاكات على هامش القمة، وبعد أن تحول الجزء الأكبر من الحوار في شأن الجبهة الإيرانية من طبيعة الاتفاق [النووي] إلى مسائل تتعلق بالرقابة والتحكم، فتحت نافذة فرصة من أجل ترميم "العلاقات الخاصة" خلال العام المقبل، حتى ولو أنه ليس من المنتظر نشوء "شروط مودة" بين أوباما ونتنياهو. ويعكس هذا السيناريو المتفائل بشأن مستقبل الشراكة الأميركية - الإسرائيلية حقيقة أن الجهاز السياسي في الولايات المتحدة بدأ يدخل أكثر فأكثر مرحلة السباق على البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يبقى مشغولاً بذلك حتى موعد الانتخابات في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
•في الوضع الحالي، وعلى خلفية أن الرئيس الـ44 [للولايات المتحدة] يوشك على خسارة جزء مهم من قوته ونفوذه وأن يتحول إلى بطة عرجاء، كان من الطبيعي- خاصة في ضوء كلام نتنياهو التصالحي واستعداده المبدئي لأن يتبنى مرة أخرى مخطط الدولتين- أن يقرر أوباما التخلي عن مسار المواجهة مع إسرائيل. وعلى أية حال، ونظراً إلى أن حصول عملية سياسية على الجبهة الفلسطينية يوازي الصفر، اختار البيت الأبيض انتهاج أسلوب عمل برغماتي يقلل الأضرار ويقلص الاحتكاك مع حليفه الإسرائيلي.
•إن نتيجة هذا التقدير الواقعي والرصين للوضع كانت انعقاد قمة من دون توتر (حتى في غياب شيء من الحميمية)، ستوفر لإسرائيل في الأشهر المقبلة ليس هدوءاً شكلياً فحسب، بل وأيضاً ستحسن مكانتها الاستراتيجية بوصفها حليفة مركزية في مواجهة التحديات الإقليمية. لم يبق سوى الانتظار كي نرى هل سيتحقق هذا السيناريو الذي يستند إلى منطق دبلوماسي وسياسي من دون مخلفات الماضي.