من المتوقع أن يبحث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري في واشنطن اليوم (الثلاثاء) السُبل الكفيلة بتهدئة الأوضاع الأمنية المتفاقمة في إسرائيل والمناطق [المحتلة].
وسيلقي رئيس الحكومة اليوم أيضاً خطاباً أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة وسيجتمع مع كبار المسؤولين في مجلس الشيوخ الأميركي.
ووصف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الليلة الماضية، الاجتماع الذي عقده مع الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء أمس (الاثنين) بأنه جيد جداً وبنّاء وموضوعي، وأكد أنه كان من أفضل الاجتماعات التي عقدها مع الرئيس الأميركي حتى الآن.
وأضاف أنه عرض على أوباما بإسهاب حاجات إسرائيل الأمنية وبناء على ذلك تقرّر تشكيل طاقم سيُكلّف بدرس زيادة المساعدات الأمنية الأميركية إلى إسرائيل.
كما أكد نتنياهو أن إسرائيل لن تقبل بتعرّض أراضيها لاعتداءات انطلاقاً من الأراضي السورية أو بتشكيل جبهة جديدة ضدها في هضبة الجولان، وفي الوقت عينه تعهّد بإحباط عمليات نقل أسلحة من سورية إلى حزب الله في لبنان.
وكان الرئيس الأميركي أشار في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع مع نتنياهو، إلى أن الاجتماع بين الزعيمين سيتيح فرصة إجراء مناقشة مستفيضة لبعض القضايا الأمنية الأشد إلحاحاً التي تواجه البلدين.
وقال أوباما: "ليس سراً أن الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط تدهورت في مجالات كثيرة. وكما سبق أن قلت مراراً وتكراراً، فإن أمن إسرائيل هو من الأولويات القصوى لسياستي الخارجية الأمر الذي لم يجد تعبيراً له بالكلمات وحدها فقط بل أيضاً بالأفعال، إذ هناك بيننا تعاون عسكري واستخباراتي أوثق مما كان عليه أي تعاون بين الدولتين على مرّ التاريخ".
وأضاف: "إننا لا نعتبر المساعدات العسكرية التي نقدمها إلى إسرائيل جزءاً مهماً من التزامنا بأمنها فحسب، بل أيضاً نعتبرها جزءاً مهماً من البنية التحتية الأمنية الأميركية في المنطقة أيضاً. ونسعى للتأكد من قدرة إحدى أقرب حليفاتنا [إسرائيل] على حماية نفسها وكذلك قدرتها على العمل معنا لردع الإرهاب وتهديدات أمنية أخرى. ونظراً إلى استمرار الأوضاع الفوضوية في سورية ستكون لدينا فرصة لمناقشة ما يجري هناك. كما ستسنح لنا فرصة البحث في إمكان تقليص رقعة ممارسات داعش وحزب الله وتنظيمات أخرى في المنطقة ترتكب اعتداءات إرهابية. وسنكرس وقتاً كثيراً من لقائنا لبحث مذكرة التفاهم بين البلدين التي قد نستطيع التفاوض حولها. صحيح أن مفعولها لن ينتهي إلا بعد عدة سنوات [سنة 2017] لكننا نرغب في مباشرة البحث حولها الآن لضمان تمكن الولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء من وضع خطط مستقبلية ناجعة خاصة بحاجاتهما الأمنية".
وتابع أوباما: "كما ستتوفر لدينا فرصة لمراجعة كيفية سير تطبيق الاتفاق النووي مع إيران. وليس سراً أن رئيس الحكومة نتنياهو كان على خلاف معي حول هذه المسألة، غير أنه لا يوجد أي خلاف بيننا حول ضرورة التحقق من عدم حصول إيران على سلاح نووي. كما لا نختلف حول أهمية السعي لتقليص رقعة الممارسات المخلّة بالاستقرار التي قد تتخذها إيران، وبناء عليه نرغب في ضمان توافق آرائنا حول هذه القضية. وسيتسنى لنا أيضاً بحث جزء من مشاعر القلق التي تساور كلينا بشأن العنف في الأراضي الفلسطينية [المحتلة]. وأود التوضيح بشكل قاطع أننا نستنكر بأشد التعابير العنف الفلسطيني الذي يستهدف المدنيين الإسرائيليين الأبرياء. كما أود تكرار اعتقادي الراسخ بأن إسرائيل لديها الحق بل والواجب في الدفاع عن نفسها. وسأستمع من رئيس الحكومة أيضاً إلى آرائه حول كيفية التخفيف من حدة التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحول كيفية العودة إلى طريق السلام وحول كيفية ضمان التجاوب مع التطلعات الفلسطينية المشروعة عبر العملية السياسية في الوقت الذي نسعى فيه لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها".
وقال نتنياهو إن جذور العلاقات الإسرائيلية- الأميركية المميزة تعود إلى قيم الدولتين المشتركة التي تساندها مصالح مشتركة ويدفعها شعور بمصير مشترك.
وأضاف: "إننا نواجه حالياً اختباراً يتمثل بحالة عدم الاستقرار وغياب الأمن في الشرق الأوسط كما عرّفها الرئيس الأميركي. وأعتقد أن الجميع يستطيعون أن يروا ذلك في الممارسات الوحشية لداعش والعدوان والإرهاب لوكلاء إيران وفيما يجري في إيران نفسها، وهذا التكامل بين الثورات الإسلامية المتشددة السنية والشيعية شرَّد الملايين من ديارهم وعرَّض مئات الآلاف للمجازر ولا نعلم بما قد يأتي لاحقاً. أعتقد بأن هذا اللقاء يمثل فرصة شديدة الأهمية تسنح لنا للعمل معاً ولرؤية كيف نستطيع الدفاع عن أنفسنا إزاء هذه الممارسات من العدوان والإرهاب وكيف يسعنا العمل على إضعافها، ولا شك في أن هذه المهمة لها مفعول رادع".
وأوضح نتنياهو أنه لم يتنازل عن الأمل في تحقيق السلام [مع الفلسطينيين] ولن يتنازل عنه وأنه ما يزال ملتزماً حل الدولتين للشعبين الذي يعني قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية.
وأضاف أنه سيبحث مع أوباما الطرق العملية الكفيلة بتخفيف حدة التوتر وزيادة الاستقرار والمضي قدماً نحو السلام.
وشكر رئيس الحكومة الرئيس الأميركي لالتزامه بمواصلة تعزيز أمن إسرائيل وتحديداً في ما يتعلق بمذكرة التفاهمات بين الدولتين. وأكد أن الأعباء الأمنية الملقاة منذ سنوات على عاتق إسرائيل ثقيلة للغاية، لكنها تمكنّت من تحمّلها بفضل الدعم الأميركي السخي.
ويعتبر هذا الاجتماع بين أوباما ونتنياهو خطوة مهمة نحو إبرام اتفاق جديد للمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل للسنوات العشر المقبلة [ابتداء من سنة 2017].
وقال مسؤولون كبار في الكونغرس إن إسرائيل حصلت حتى الآن على مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3،1 مليار دولارات من الولايات المتحدة، وتريد زيادتها إلى خمسة مليارات دولار سنوياً في إطار الحزمة الجديدة وبإجمالي 50 مليار دولار خلال عشر سنوات.
وتوقع مسؤول أميركي رفيع أن يتفق الجانبان على مبلغ سنوي يراوح بين أربعة مليارات وخمسة مليارات دولار.