شرق أوسط جديد
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•رؤيا الحالمين قبل عقدين من الزمن بأن المنطقة ستتحول إلى "شرق أوسط جديد"، بدأت تتحقق في هذه الأيام أمام أعيننا. ولكن كلا، ليس هذا شرق أوسط سلام واستقرار وازدهار، وليس شرق أوسط حيث الولايات المتحدة هي ربة البيت. إنه شرق أوسط عدم استقرار وتطرف ديني، لكن الأهم، هو شرق أوسط الآمر الناهي فيه روسيا وإيران، ومن يفرض الإيقاع هم المهاجمون بالسكاكين في شوارع القدس.

•استند الحلم بإقامة شرق أوسط جديد وجيد في التسعينيات إلى قوة الولايات المتحدة التي هزمت حاكم العراق صدام حسين، واحتلت العراق وحشرت إيران في الزاوية. في تلك الأثناء كانت روسيا دولة ضعيفة منهارة تكاد لا تقف على قدميها إلا بصعوبة. وقد دفعت القوة الأميركية بالحكام العرب إلى التقرب من الأميركيين. وكما أدرك أنور السادات قبل ذلك ، فإن "الطريق إلى واشنطن وإلى قلوب الأميركيين تمر عبر اتفاق سلام مع إسرائيل".

•لكن مياهاً كثيرة جرت في نهر الأردن منذ ذلك الحين. فالسلام لم تترسخ جذوره، بالتأكيد ليس في قلب الشارع العربي. وهو لم ينقذ العالم العربي من أزماته، ولم يوقف التطرف الديني الذي انتشر فيه. وفي هذه الأثناء تعبت الولايات المتحدة وقررت في الوقت الحاضر الانفصال عن المنطقة، وعلى أية حال، فقد فقدت من قدرتها على التأثير في المنطقة والتحكم بما يحدث.

•لكن لا وجود للفراغ في منطقة مثل منطقتنا. وحل ّ محل الأميركيين اليوم الحلف الروسي- الإيراني. وبذلك تحول محور الشر القديم إلى محور مركزي تعتمد عليه اليوم المنطقة كلها. 

•يواصل الروس تدخلهم وسيطرتهم على سورية، وهذا ما تفعله إيران في العراق، ولا تخفي مصر رغبتها أن تكون جزءاً من هذا المحور الذي يعتمد عليه، وليس على الولايات المتحدة، بقاء العديد من الأنظمة العربية.

•إسرائيل ليست شريكاً طبيعياً أو مطلوباً في الحلف الروسي- الإيراني الذي يحاول اليوم أن يفرض نفسه على الشرق الأوسط. لكن من وجهة نظر الروس على الأقل، فإن إسرائيل ليست خصماً أو عدواً. تريد روسيا ضرب الأميركيين وإخراجهم من المنطقة، وفي الوقت عينه كبح التطرف الديني الذي من المحتمل أن يدق أبواب موسكو. 

•فهم الروس ما لم تفهمه واشنطن حتى الآن، أي عدم وجود علاقة بين تمدد "داعش" والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأن الدفع قدماً بتسوية إسرائيلية- فلسطينية لن يوقف التطرف والجنون في المنطقة. لذا يركز الروس على ما يهمهم، ولم يصدر عنهم صوت يدين إسرائيل لما تفعله من أجل التهدئة وإعادة الهدوء إلى شوارع مدنها.

•لكن روسيا تساعد في الوقت عينه إيران على تعزيز وجودها في المنطقة. وإسرائيل وإيران هما مثل روسيا والولايات المتحدة، تتنافسان على النفوذ وعلى المكانة، لذا يوجد صراع قاس بينهما من الصعب حله ومن المحتمل أن يزداد حدة.

•يتحدث الروس والإيرانيون وبصورة خاصة حلفاؤهم حزب الله والرئيس بشار الأسد، علناً عن "الشرق الأوسط الجديد" الآخذ في التشكّل، حيث ستكون سورية حجر الزاوية فيه بعد أن يعزز الروس والإيرانيون وجودهم فيها ويتغلبوا على الثوار السوريين. ومن هناك سينتقلون إلى العراق وربما أيضاً إلى لبنان، وسوف يدعمون موقف مصر والحبل على الجرار.

•صحيح أن الولايات المتحدة هي الحليفة الاستراتيجية لإسرائيل وهي ستبقى كذلك، ولكنها جاءت إلى المنطقة ثم ذهبت ومن الصعب أن تعود إليها بكامل قوتها من جديد. في هذه الأثناء، فإن لون الشرق الأوسط سيكون في السنوات القريبة المقبلة أحمر (الرمز السابق للاتحاد السوفياتي)، وعلى ما يبدو سيكون مركزه موسكو.

•لكن من المنتظر أن يكتشف الروس مثلما اكتشف الأميركيون مع مرور الزمن، أن كبح التيارات الراديكالية المتطرفة يتجاوز قدرتهم. ومن المحتمل أن لا يكون القضاء على "داعش" بالضرورة هدفاً مباشراً لهم، فهم في الواقع بحاجة إلى وجود التنظيم في أعماق الصحراء من أجل تبرير وجودهم في المنطقة. 

•ومع مرور السنوات فإن المعارك هي التي ستفرض نفسها، وفي واشنطن ستواصل وزارة الخارجية التعبير عن احتجاجها، أو دعواتها إلى التهدئة، لكن من دون أن يسمعها أحد خارج الولايات المتحدة.