في مواجهة تصعيد الوضع في القدس الشرقية ليس في متناول القوى الأمنية الكثير لتفعله
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•أدى مقتل المواطن من سكان القدس ألكسندر ليفلوفيتش من جراء رشق الفلسطينيين سيارته بالحجارة عشية رأس السنة [العبرية]، إلى عقد جلسة طارئة في مكتب رئيس الحكومة للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع، من أجل مناقشة حوادث رشق الحجارة المتكررة والعنف في القدس وجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] وعلى الطريق 443 التي تصل بين القدس وموديعين، ودراسة توصيات تشديد العقوبات وردع راشقي الحجارة من الفلسطينيين.

•عملياً لا يبدو أن في حوزة رجال الاستخبارات وكبار مسؤولي المؤسسة القانونية الكثير من التوصيات الجديدة. ومن الصعب اختراع العجلة من جديد بعد السنوات الكثيرة من محاربة هذه الظاهرة. يريد نتنياهو تسريع إقرار إجراءات ضد راشقي الحجارة من أجل توفير ردع اقتصادي ضد أهالي الشبان المتورطين في الأحداث. ومن المحتمل أن تعزز الشرطة خلال الشهر المقبل وخلال الأعياد وبعدها، انتشارها في القدس وضواحيها مع التركيز على الحرم القدسي والحائط الغربي، حيث من المنتظر حدوث حركة كبيرة للمصلين اليهود خلال الأعياد.

•لكن ثمة نقطة ضعف معروفة تتعلق بالاستخبارات، إذ يميل الشاباك إلى التركيز على التهديدات الأمنية التي تعتبر أكثر خطراً من رشق الحجارة، ومن المحتمل أن تكون المعلومات التي لدى الشرطة[بخصوص موضوع رشق الحجارة] غير كافية. وحتى عندما يصار إلى نشر قوات كبيرة نسبياً، فإنه من الصعب استخدامها بصورة فاعلة بسبب النقص في المعلومات.

•ومثلما هو الحال في مثل هذه النقاشات، هناك من يقترح التخفيف من أوامر فتح النار ضد راشقي الحجارة. لكن أغلبية رجال الأمن القدامى يقفون موقفاً مشككاً، فرفع القيود عن إطلاق النار يؤدي بصورة عامة إلى قتل راشقي الحجارة الشبان وقتل الفلسطينيين الذين يتصادف كونهم في منطقة الأحداث. وتدل تجربة الماضي على أن القتلى والجنازات والتظاهرات وصفة مؤكدة لتصعيد جديد وطويل وأكثر خطراً من السابق. وما تستطيع إسرائيل أن تسمح به لنفسها أحياناً من خلال استخدام القبضة الحديدية في الضفة الغربية، لا تستطيع أن تتحمله في القدس نظراً للاهتمام الدولي بما يجري في المدينة.

•يحظى رشق الحجارة باهتمام إعلامي أكبر الآن بعد مقتل ليفلوفيتش في حادثة في حي أرمون. وفي الواقع، فإن القدس الشرقية وأحياء خط التماس تشهد انتفاضة متقطعة منذ صيف 2014 بعد خطف وقتل الشبان الإسرائيليين الثلاثة في غوش عتسيون ومقتل الشاب الفلسطيني [محمد أبو خضير] في حي شفعاط. لقد أدت التدابير التي اتخذتها الحكومة وبلدية القدس والشرطة إلى تخفيف موقت للتوتر من دون تحقيق تهدئة حقيقية. ويبرز العنف على الطريق 443 الذي يستخدمه أكثر السائقين الإسرائيليين بسبب أشغال توسيع الطريق رقم 1 من القدس إلى تل أبيب. 

•مرة أخرى تصاعدت حرارة الأجواء في جبل الهيكل [الحرم القدسي]، ففي مطلع هذا الأسبوع اقتحمت الشرطة المسجد الأقصى من أجل تفريق التظاهرات العنيفة التي قام بها الشبان العرب على خلفية الأعياد. ومن الواضح أن قائد منطقة القدس، النقيب تشيكو أدري وضباطه الذين واجهوا في الفترة الأخيرة صعوبات في قضية الجريمة التي حدثت خلال تظاهرة المثليين [مقتل متظاهرة طعناً على يد أحد المتدينين من الحريديم] في المدينة، لا يريدون القيام بمجازفات لا ضرورة لها، فمسألة العنف في القدس وبصورة خاصة في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، مسألة حساسة جداً سياسياً على خلفية الضغط الذي يمارسه اليمين على نتنياهو، والضغط الذي يمارس على القيادة وعلى سلسلة المسؤولين في الشرطة.

•يميل الجو في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] إلى التصعيد دائماً في أعياد شهر تشري [الشهر الأول في التقويم العبري الذي يحل فيه عيدا رأس السنة العبرية والغفران] وذلك في ضوء معارضة المسلمين لزيارة المصلين اليهود للمكان. واليوم هناك أسباب أخرى تساهم في التوتر، فقرار وزير الدفاع بوغي يعلون إعلان "المرابطون"، الذين هم حراس المصلين المسلمين في الحرم، غير قانونيين بسبب تورطهم في أعمال العنف، أغضب الفلسطينيين (وحرم هؤلاء الحراس مدخولاً إضافياً مريحاً) . ثمة سبب آخر له صلة بعلاقات "حماس" وإسرائيل، فخلال عدة أشهر عُلقت الآمال على إمكانية توصل الوسطاء الدوليين إلى اتفاق واسع أو "هدنة" طويلة الأمد مع إسرائيل. لكن في الفترة الأخيرة حرص نتنياهو ويعلون على إيضاح أنهما ليسا مهتمين بأكثر من وقف إطلاق نار محدود، يترافق مع تسهيلات على معبر كرم سالم، وهما لا يرغبان في خطوات واسعة النطاق كان يُؤمل تحقيقها في غزة مثل إقامة ميناء. ويبدو أنه من اللحظة التي أدركت فيها "حماس" أن المفاوضات مع إسرائيل لن تثمر عن الكثير، عادت إلى تشجيع أعمال العنف من جانب نشطاء إسلاميين مرتبطين بها في القدس والضفة.

•خلال العيد صدر بيان آخر عن العائلة المالكة الأردنية يندد بأعمال الشرطة في جبل الهيكل. والأردن ملزم بإصدار بيانات من هذا النوع بحكم دوره بوصفه المدافع عن الأماكن المقدسة في القدس، وجرى ترسيخ هذا الدور من خلال اتفاق استثنائي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) قبل بضع سنوات. ويعتبر الإعلام العربي إعلان إسرائيل لا قانونية المرابطين بمثابة خطوة أولى من مؤامرة إسرائيلية لتغيير الوضع القائم في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، وفرض التقسيم الموقت للصلوات بين اليهود والمسلمين كما فعلت إسرائيل في الماضي في مغارة همخبلاة [الحرم الإبراهيمي الشريف]. ويشعر الملك عبد الله بالقلق على الرغم من أن نتنياهو تعهد أمامه بعدم المس بالوضع القائم بعد التوترات التي شهدها الحرم قبل عام. 

 

•على الرغم من ذلك، ثمة مصالح مشتركة وثيقة بين القدس وعمان على خلفية الواقع الأمني الإقليمي. وثمة شك في هذه المرحلة بأن يزعزع التوتر في القدس العلاقات بين الدولتين.

 

 

المزيد ضمن العدد 2215