•أثار كشف "يديعوت أحرونوت" عن التدخل العسكري الروسي في سورية أصداء في الإعلام العالمي وأحرج الإدارة الأميركية. البيت الأبيض كان على علم بالصلة الروسية - الإيرانية لإنقاذ الأسد من خلال عملية عسكرية، لكنه فضّل تجاهلها ما بقي هذا التحالف الجديد سرياً. لكن الكشف عن هذه الأخبار أظهر عجز السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وأجبر الإدارة على الرد، فأعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن احتجاجه الشديد أمام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لكن الروس يتجاهلون الاحتجاج الأميركي ويستخفون به.
•لقد حاولت الخارجية الأميركية الاختباء وراء الحجة القائلة بأن التورط الروسي- الإيراني يساعد في الحرب على "داعش"، ولذا كان يلائمها تجاهل الانعكاسات التي من الممكن أن تنتج عن هذه الخطوة على المنطقة كلها. لكن الضعف الأميركي سيسمح للإيرانيين بمساعدة روسية بإدارة الشؤون الداخلية في سورية، وهكذا ستجد إسرائيل نفسها مع حدود مشتركة مع الجمهورية الإسلامية على الساحتين السورية واللبنانية.
•بالأمس كشف مصدر أمني رفيع أنه إلى جانب القوات العسكرية الروسية التي جاءت للقتال إلى جانب الأسد، بدأت إيران أيضاً في تنفيذ الجزء المتعلق بها في الصفقة. في المرحلة الأولى وصل إلى سورية بضع مئات من مقاتلي الحرس الثوري للقتال إلى جانب حزب الله ضد المتمردين في منطقة المعسكرات في الزبداني بالقرب من الحدود السورية– اللبنانية.
•يدعي الروس والإيرانيون أن تدخلهم في سورية جزء من الجهود الرامية إلى كبح "داعش". لكن المساعي التي يبذلها الجيش الروسي بالتنسيق مع فيلق القدس الإيراني تهدف إلى ما هو أبعد بكثير من ذلك وتتجه نحو مجريين.
•المجرى الأول هو تجميع الفرق السورية المفككة وتسليحها وإخضاعها لنظام تدريبات بمساعدة مستشارين عسكريين روس وإيرانيين، من أجل معاودة القتال بصورة فاعلة. ومن أجل هذه الغاية، أرسل الروس في الشهرين الأخيرين إلى مرفأ طرطوس عشر سفن شحن محملة بالسلاح للجيش السوري، تضمنت ناقلات جند مدرعة ومدافع وقذائف وصواريخ وأسلحة أخرى. السفينة الأخيرة التي عبرت مضيق البوسفور قبل بضعة أيام كانت تحمل اسم "نيكولاي بيلتشينكوف" وهي محملة بناقلات جند مدرعة وذخيرة. ووفقاً لتقارير في روسيا، بدأ يصل إلى سورية مقاتلون من لواء البحرية 810 الذي كان متمركزاً في الشرق الأقصى، وجنود بحرية من اللواء الذي كان منتشراً في شبه جزيرة القرم.
•المجرى الثاني هو أن تحل قوات جوية روسية محل سلاح الجو السوري لمساعدة القوات البرية السورية. وينتشر الروس في المطار العسكري الواقع بين اللاذقية وطرطوس. ووفقاً لتقارير وكالات الأنباء الأجنبية، فقد جرى نشر مضادات للطائرات في المطار، ومن المنتظر وصول طوافات حربية وطائرات حربية تابعة لفرق الدفاع الجوي الروسي. وقد حاول الأميركيون منع مرور جسر جوي روسي إلى سورية عبر أجواء اليونان وبلغاريا، لكن بالأمس أوضح لافروف في مؤتمر صحافي أن العتاد الحربي يصل في إطار "رحلات إنسانية". وهكذا يتضح أن الروس قادرون على الاعتراف بأنهم إلى جانب موقفهم المنافق من اللاجئين السوريين، يرسلون أيضاً صواريخ لقتلهم.
•إن مئات المقاتلين من الحرس الثوري الذين وصلوا إلى سورية هم جزء فقط من جيش الانقاذ التابع لفيلق القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني. ويستخدم الإيرانيون في سورية آلافاً من أعضاء الميليشيات الشيعية الذين جاؤوا بهم من العراق وأفغانستان، وقد جلب هؤلاء معهم عائلاتهم وسيطروا على مبان في منطقة إدلب واللاذقية كان يسكنها علويون فروا من وجه المتمردين.
•وبينما يكتفي الأميركيون بالكلام وبعمليات جوية محدودة، قرر الروس والإيرانيون التحرك والمحافظة بالقوة على مصالحهم في الشرق الأوسط. ونسق الروس تحركهم هذا بصورة مسبقة مع السعوديين. ومن المعقول جداً افتراض أنه ستكون هناك اتصالات بين روسيا وإسرائيل. الأميركيون هم الوحيدون الذين لا يحفل أحد بأخذ رأيهم.