بوتين يضاعف الرهان: دلالات زيادة التدخل الروسي في سورية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•في وقت أبكر مما هو متوقع عادت روسيا إلى الشرق الأوسط لتملأ الفراغ الذي تركته وراءها الولايات المتحدة. إن كل من اعتقد أن روسيا خسرت موقعها كقوة عظمى عالمية بسبب العقوبات الاقتصادية المؤلمة التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وأوروبا، وأن مغامرات الكرملين في أوكرانيا ستفرض قيوداً على قدرته على المناورة في العالم، أثبت له بوتين أنه ما تزال له سيطرة عالمية وأنه لم يفقد شيئاً من قوته. فالروس في السعودية ومصر يوقعون صفقات سلاح بعشرات المليارات من الدولارات، وأيضاً في إيران، وها هم الآن يعودون إلى سورية التي كانت طيلة سنوات عديدة معقلهم الأساسي في الشرق الأوسط.

•لم يتخل الروس مطلقاً عن بشار الأسد وظلوا في أيامه الصعبة يمدونه بالسلاح وبمساعدة مالية سخية. لكن تدخلاً مباشراً من هذا النوع وإرسال مقاتلين وطيارين روس يشكلان من دون أدنى شك تصعيداً دراماتيكياً ومفاجئاً. ويدل هذا التدخل قبل كل شيء على الثقة بالنفس والإحساس بالقوة اللذين من دونهما ما كان بوتين ليجرؤ على زياد حجم الرهان الروسي في سورية. وحده الزعيم الواثق بنفسه يأمر بالتدخل في منطقة شديدة الإشكالية والتعقيد، مظهراً اسستخفافه العلني بالأميركيين.

•هل يعتقد بوتين حقاً أنه قادر على إنقاذ الأسد؟ ليس هذا هو السؤال المطروح بالنسبة إليه. فتدخله الحالي في سورية يعيده من جديد إلى المنصة الدولية كلاعب أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، وسينعكس ذلك على موقف روسيا وتحركها في ساحات أخرى مثل أوروبا أو الشرق الأقصى.

•هكذا، حتى لو سقط الأسد، فإن الوجود الروسي في سورية سيستمر لأنه يتمركز على الشاطئ العلوي الذي يشكل جيباً من السهل الدفاع عنه، وإليه ستنسحب بقايا النظام من أجل خوض معركة التصدّي الأخيرة في منطقة أغلبية سكانها من الطائفة العلوية. وبالنسبة إلى روسيا فإن وجودها هناك استثمار على المدى البعيد. ويجب أن نعترف بأن سورية بالنسبة إلى بوتين خط دفاع متقدم في وجه تمدد الرديكالية الإسلامية، التي ستصل إلى حدود روسيا إذا لم تُلجم. وفي مقابل فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في كبح "داعش"، يريد الروس تقديم بديلهم، وما ارتدعت الولايات المتحدة عن القيام به هم مستعدون لفعله، أي إرسال جنود وطيارين إلى أراضي سورية. وربما سيكون الأميركيون ذات يوم مدينين للروس، وهذا ما تأخذه في حساباتها واشنطن وموسكو.

•والمؤسف أكثر من أي شيء آخر هو أن زيادة التدخل الروسي في سوريا دليل على إفلاس الولايات المتحدة وعجزها في الشرق الأوسط. وببساطة، لا تقيم روسيا وزناً لواشنطن وهي بالتأكيد لا تصغي إلى التحذيرات الضعيفة الصادرة عن الأميركيين من مغبة التدخل الفظ في الحرب في سورية، ولا لاحتمال نشوب مواجهة بين الروس وحلفاء محليين للأميركيين بين الثوار، أو مع طائرات أميركية تنشط [في سماء] في سورية.

•ما هي دلالة ذلك بالنسبة لإسرائيل؟ على عكس السبعينيات، فإن روسيا ليست عدوة لإسرائيل، وتدخلها في سورية لا يهدف إلى مساعدة الأسد ومستقبلاً مساعدة إيران وحزب الله في محاربة إسرائيل. ليس هناك مشكلة بين الروس وإسرائيل، لكنهم في الوقت عينه لا يهمهم ما إذا كان السلاح المتطور الذي يبيعونه مقابل الكثير من الدولارات لإيران وسورية، يضر بإسرائيل. ومما لا شك فيه أن تدخلاً روسياً نشطاً في سورية سيفرض قيوداَ على قدرة تحرك إسرائيل التي درجت منذ وقت على مهاجمة أهداف في سورية كل مرة شكّت فيها في أن السوريين ينقلون سلاحاً متطوراً إلى حزب الله.

 

•قد لا ينقذ الروس بشار، لكنهم يحولون سورية إلى معقل روسي مهم وجزء من صراعهم الدولي سواء ضد الجهاد العالمي أو في المواجهة المتجددة بينهم وبين الولايات المتحدة. ومن الأفضل لإسرائيل أن تراقب هذا الصراع من الخارج، وخصوصاً بالتأكيد أن الولايات المتحدة نفسها تنتهج سياسة امتناع عن الفعل حيال الأزمة السورية.