•ألمح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مراراً إلى وجود اتصالات سرية مع دول الخليج الفارسي [العربي] التي يوجد لنا معها الآن مصلحة مشتركة هي إفشال اتفاق الدول العظمى مع إيران. ويشكل هذا جزءاً من الحملة التي يخوضها نتنياهو في الكونغرس الأميركي ضد سياسة أوباما.
•توجد اتصالات وقد كانت موجودة دائماً، لكن لا وجود لمصالح مشتركة، وليس هناك أي تطابق في السياسة بين حكومة إسرائيل وزعماء الخليج، فقد قرر السعوديون بحكمتهم أن يقولوا نعم للاتفاق برغم تحفظاتهم، وهم اليوم يجرون حواراً مثمراً مع إدارة أوباما.
•موضوعياً، لدينا مصالح مشتركة مع المحور السني البراغماتي للسعودية ومصر والأردن. وليس نتنياهو وحده من يعترف بذلك بل أيضاً هيرتسوغ [زعيم المعسكر الصهيوني المعارض] ولبيد [يائير لبيد زعيم حزب يوجد مستقبل]. لكن ما يخفيه السادة في الائتلاف والمعارضة عن أنفسهم (باستثناء هيرتسوغ)، أنه من أجل تحقيق مصالح مشتركة يتعين على إسرائيل أن تتعاون مع الدول العربية في ما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية أيضاً ودعم حل الدولتين.
•إن قيام ائتلاف من هذا النوع بدعم من الولايات المتحدة، يشكل اليوم مصلحة أمنية من الدرجة الأولى بالنسبة لإسرائيل، في مواجهتها لخطر التنظيمات الأصولية المدعومة من إيران.
•لكن بالنسبة لنتنياهو، فإنه لن يسمح بأي تقدم فعلي في المشكلة الفلسطينية، من ناحية أيديولوجية، حتى لو كلفه ذلك حياته وخاصة من أجل الحفاظ على بقاء الائتلاف اليميني الذي يترأسه. إن المؤسسة السياسية في قسمها الأكبر تستبعد الموضوع الفلسطيني. ويشكل هذا قنبلة موقوتة تهدد الدولة على الصعيد الأمني والأخلاقي.
•وهذا الأمر بات أكثر وضوحاً بعد الاتفاق بين الدول العظمى وإيران. من المنطقي افتراض أن الإيرانيين سيمتنعون عن تطوير سلاح نووي، لكن من المعقول الافتراض أن دعمهم لحزب الله و"حماس" سيزداد. كما أن بلورة ميزان قوى إقليمي جديدة لم يعد أمراً حيوياً فحسب بل ممكناً في ضوء الاتفاق. والأصولية الواقعة تحت تأثير إيران والمدعومة من قبلها عدو مشترك لنا وللدول العربية البراغماتية.
•وفي الواقع تستطيع المبادرة السعودية، لا بل يجب أن تشكل، قاعدة لتعاون جديد يمكن في إطاره إحراز تقدم نحو حل الدولتين والتعاون بيننا وبين أغلبية الدول العربية.
•هذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر. لكن لا يبدو أن هناك فرصة لأن يستغلها نتنياهو. فبالنسبة إليه يحتل أمن الدولة سلم اهتماماته طالما أنه لا يشمل تقدماً في عملية الدولتين مع الفلسطينيين. ويتصدر المشروع الاستيطاني قائمة اهتماماته، وبالنسبة إليه توسيع المستوطنات خارج الكتل أهم من تحسن محتمل في العلاقات مع جيراننا ومع الولايات المتحدة. والتحالف مع بينت وأريئيل وشاكيد أهم من تحالف مصالح محتمل مع زعماء مصر والأردن والسعودية والسلطة الفلسطينية.
•يتعارض موقف نتنياهو هذا مع مواقف أغلبية رؤساء المؤسسة الأمنية في الحاضر والماضي. وكلما وصل الأمر إلى الموضوع الفلسطيني، فإن نتنياهو هو أفضل من يضيع الفرص.