•في الأسبوع الماضي دوّت أصوات المدافع في هضبة الجولان رداً على القصف الصاروخي الذي استهدف إسرائيل. وبعد بضعة أيام، وبالاستناد إلى بيان الجيش الإسرائيلي، فإن الخلية التي قامت بالقصف جرى القضاء عليها.
•ثمة خلاف اليوم في إسرائيل بشأن الرد الإسرائيلي المناسب. وهناك من يدعي بأن على إسرائيل أن ترد بطريقة أكثر حزماً، وألا تكتفي بالقصف المدفعي للمنطقة التي وقع فيها الحادث ولا بهجوم محدود. وفي المقابل، هناك من يرى أن إسرائيل مشغولة اليوم بالخطر الإيراني، وتتجاهل صعود قوة الجهاديين السنة في الشارع السوري من خلال تنظيمات المعارضة المتطرفة مثل تنظيم داعش أو المنظمات القريبة من القاعدة. وفي رأيهم أنه عندما يتحقق هذا الخطر، فإن إسرائيل لن تكون مستعدة لمواجهته.
•قبل كل شيء يجب أن نوضح حقيقة ما يجري اليوم على جبهة الجولان. تنشط تنظيمات المتمردين المتفاوتة التطرف في الجزء الجنوبي فقط من الهضبة. وحتى الآن لا يوجد متمردون يتحركون ضد إسرائيل، ويتمركز نشاطهم على إسقاط الأسد ونظامه. ولا يوجد أحد منهم من مؤيدي إسرائيل، لا بل على العكس، لكن اليوم لديهم هدف آخر، وطالما لم يحققوه فإنهم لن يدخلوا في مواجهة مع أعداء آخرين.
•في المقابل، تنشط في وسط الهضبة وشمالها القوات المؤيدة للنظام العلوي التي هي على صلة مباشرة مع إيران أو مع حزب الله الذي هو بمثابة الذراع الطويلة للنظام الإيراني في المنطقة. إن السلاح والمال وحتى التوجيهات وأحياناً القيادة على الأرض، هو للإيرانيين، أحياناً بالتعاون مع حزب الله وأحياناً أخرى من دون ذلك. بالطبع هناك أميركيون يؤكدون أنهم حصلوا على تعهدات بأنه بعد الاتفاق النووي سيكبح الإيرانيون جزءاً من نشاطاتهم الإرهابية العدائية. لكن كبار المسؤولين الإيرانيين في سورية ولبنان لم يسمعوا بعد بهذا كله، وهم تحديداً يوسعون دائرة نشاطهم. وتجدر الإشارة إلى ان الجهاد الإسلامي الذي ذُكر اسمه في الحادثة الأخيرة هو تنظيم مقام وممول ويعمل بتوجيه إيراني مباشر. وهو إلى حد ما خاضع للإرادة الإيرانية أكثر من حزب الله الذي يحافظ على مظهر من "الاستقلالية اللبنانية".
•إسرائيل أمام تساؤلين مختلفين، الأول يتعلق بمجمل السياسة الإسرائيلية حيال الحرب في سورية، حرب العلويين والشيعة ضد السنة، والتنظيمات الجهادية من نوع جبهة النصرة وداعش ضد جيش النظام المدعوم من إيران وروسيا ويعمل جنباً إلى جنب مع حزب الله وميليشيات شيعية أجنبية. والسؤال هو: هل يتعين على إسرائيل أن تتخذ موقفاً وتعمل ضد أحد الأطراف أو مع أحدها؟ وهل الطرف الأفضل هو النظام السوري الذي نعرفه مع كل مشكلاته؟ أم التنظيمات الشديدة التطرف التي حتى الان امتنعت عن مهاجمة إسرائيل، لكن من الواضح أن دور دولة اليهود سيصل إلى جدول أعمالها؟
التساؤل الثاني مختلف في جوهره لكن يمكن أن يؤثر في الجواب عن السؤال المهم الأول: كيف سترد إسرائيل عندما تجري عملية ضدها في الجولان؟ هل تكتفي بالحد الأدنى المطلوب وتحصر ردها في المنطقة التي وقع فيها الهجوم؟ أم يتعين عليها أن توسع ردها كي تردع أيضاً الجهة التي تقف مباشرة وراء الهجوم؟
•من حيث المبدأ، يجب على إسرائيل أن تحذر كثيراً من أن تتحول إلى جزء من النزاع الذي لا ينتهي في سورية، لأنه بالنسبة إليها ليس هناك طرف أفضل من طرف. ففي مواجهة تطرف داعش اللامحدود والوحشي هناك قوة حزب الله القادر على استخدام 100 ألف صاروخ بغطاء من إيران وفي التوقيت الذي يريده. وكلما ضعف الأسد فإنه يصبح أكثر تبعية لإيران وحزب الله. والأهم من هذا كله أن الأسد يستثمر حزب الله في الحرب في سورية على حساب قدرة الحزب على التحرك على الجبهة في مواجهة إسرائيل. فلماذا والحال هذه على إسرائيل التدخل مع طرف من الأطراف؟ أليس من الأفضل أن يستمر سفك الدماء بينهم؟ ولماذا على إسرائيل أن تجازف بحياة جنودها من أجل من سيصبح عدوها غداً؟
•في المقابل، هناك نوعان من الأحداث يستوجبان تحرك إسرائيل من دون أن تفكر بالطرف المستفيد من تحركها. الأول عندما تنقل إيران أو سورية سلاحاً كاسراً للتوازن يمكن أن يؤذي إسرائيل في اي مواجهة مستقبلية. والثاني عندما تقع عملية مباشرة ضد إسرائيل من هضبة الجولان أو من منطقة أخرى. حينها يتعين على إسرائيل أن تحدد الطرف الذي قام بالهجوم ومن يقف وراءه ومهاجمتهما. وعندما لا تتوفر الظروف لذلك فيجب مهاجمة أهداف توضح للذين يستخدمون الإرهاب أنهم غير محصنين. ويجب أن تكون الرسائل التي ستبعث بها إسرائيل واضحة، لكن من دون أن تدفع الطرف الآخر إلى رد خطير.
بالنسبة للمستقبل، ليس هناك أي بوادر على الأرض تدل عليه، لكن يجب ألا نستغرب أن يكون للاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران تأثير سلبي في سورية، فهناك تخوف من أن يؤدي التقارب الأميركي – الإيراني إلى المزيد من الالتفاف السني حول داعش. كما من المحتمل أن يشعر الإيرانيون بالقوة بعد الاتفاق فيعبروا عن ذلك بالمزيد من التدخل في سورية إلى جانب الأسد، ويبذلوا جهوداً كبيرة من أجل تعزيز قوة حزب الله بالسلاح الحديث، ومن خلال التشجيع على شن هجمات في هضبة الجولان.
•يتعين علينا أن نكون مستعدين لمواجهة التأثير السلبي للاتفاق النووي في مكان غير متوقع مثل سورية.