فرصة جديدة لـ"حماس" كي تفاجئ الجمهور الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•أمام حركة "حماس" التي أثبتت أنها تعرف وتحب إعداد مفاجآت لإسرائيل، وخاصة من النوع العسكري والدعائي، فرصة جديدة لمفاجأتنا، فهي قادرة على إظهار شهامة خاصة حيال قضية اختفاء الشاب أبرا منغيستو [من أصل إثيوبي فُقد منذ 10 أشهر بعد دخوله إلى قطاع غزة]. وفي استطاعة "حماس" أن تميز بين مواقفها ومطالبها من حكومة إسرائيل، وبين موقفها من العائلة المعذبة للشاب المفقود. وهي، أولاً، تستطيع كتعبير عن تضامنها مع جمهور آخر مقموع تقديم تفاصيل تتعلق بالوضع الصحي للشاب على أمل كبير أنه لا يزال حياً. وفي الحقيقة، فإن الشهامة يمكن أن تكون أداة للنضال ضد الاحتلال.

•من المعروف اليوم أن سلوكها تجاه غلعاد شاليط أثناء وقوعه في الأسر كان معقولاً. فقد عرفت "حماس" أن الجندي الأسير كنز بالنسبة إليها، ولذا حرصت على وضعه بيد أشخاص عقلاء لم يسيئوا معاملته شخصياً، ولم يصبوا عليه غضبهم من جراء ما فعلته إسرائيل بشعبهم. ونأمل أن يحظى منغيستو بهذه المعاملة إذا كان على قيد الحياة، مع أخذ صعوباته الخاصة في الاعتبار. 

•يعرف الفلسطينيون الأوجه الوحشية للإسرائيليين ولنظامهم أكثر من أي طرف آخر. و"حماس" هي حزب السلطة وترغب جداً بالحكم، لكنها تتألف من أشخاص خبروا جميع أنواع الوحشية الإسرائيلية منذ العام 1948. ومن هنا، فإن الإغراء كبير للرد بالمثل. لكن مثل هذا الأمر لن يعلم الإسرائيليين شيئاً عن وحشيتهم، وقد ثبت أنه لا يخففها، ولا يغير السياسة الإسرائيلية. وفي الإمكان محاولة استخدام أسلوب آخر مناقض.

•لقد أثبتت "حماس" أكثر من مرة أنها مهتمة وخبيرة بما يجري في المجتمع الإسرائيلي. وهي الآن أمام فرصة لترجمة هذه المعرفة إلى عمل على الأرض. إن اليهود من أصل إثيوبي هم مجموعة تعاني من التمييز ضدها في دولة جلبتهم إلى هنا كي تعزز الشرعية الدينية لوجودها، مع مسحة إنسانية. والاعتقاد السائد أنه لو كان منغيستو أبيض البشرة لكانت السلطات الإسرائيلية تحركت بحزم أكثر من أجل إطلاقه. وسواء كان هذا صحيحاً أم لا، تستطيع "حماس" أن تستخدم هذا الافتراض وتأخذ في اعتبارها وضع عائلة منغيستو الصعب والمحرومة عملياً من أي امتياز.

•تستطيع "حماس" أن تستغل وجود من يصغي في إسرائيل إلى الادعاءات عن أنه يوجد داخل المجتمع الإسرائيلي تمييز عنصري ضد مجموعات يهودية غير مهيمنة. وهي تستطيع أن تصحح التمييز وتزوّد عائلة منغيستو بالمعلومات التي لديها. وبذلك يمكن الحؤول دون نشوء وضع يتعامل فيه الجمهور الإثيوبي مع الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم بوصفهم أعداء كما فعل اللوبي القوي المطالب بإطلاق شاليط. فإذا حصل الجمهور الإثيوبي على معلومات أكثر دقة، فإن عائلة الشاب المفقود ومؤيديها سيطرحون مطالب أكثر وضوحاً على الحكومة.

•لقد أظهرت "حماس" أكثر من مرة أنها تهتم بما يفكر به الإسرائيليون وبما يقولونه. وأعلن ممثلو الحكومة أنه على عكس المطالبة باسترجاع جثتي الجنديين الموجودتين لدى "حماس"، فإن إسرائيل لن توافق على استخدام المواطنين الإسرائيليين الأحياء (منغيستو وشاب بدوي ممنوع نشر اسمه) ورقة مقايضة في صفقة جديدة. 

 

•أمام "حماس" فرصة كي تخلط منظومة الأفكار المسبقة المترسخة لدى الجمهور الإسرائيلي. وهي تستطيع أن تتوجه إلى الحس السليم وتجبر الإسرائيليين على التساؤل لماذا حكومتهم مستعدة لإجراء مفاوضات لاسترجاع جثث، وليس من أجل استرجاع أحياء ليسوا جنوداً.