من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•لم يذكر رئيس الحكومة نتنياهو أمس ميونيخ ولا تشامبرلين، وألمح فقط إلى المحرقة وقال في الخطاب الذي ألقاه ونقل عبر شبكة الإنترنت: "كانت هناك أيام لم يكن الشعب اليهودي فيها راغباً أو أنه لم يكن قادراً على رفع صوته، مما أدى إلى نتائج مدمرة". ولم يوجه نتنياهو إصبع الاتهام نحو آلاف النشطاء في الجالية اليهودية في أميركا الذين كانوا يصغون إليه، لكن هذا ما كان يقصده.
•وهذه لازمة تتكرر عند نتنياهو، وآخر مرة استخدمها كان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 خلال اجتماع اتحاد الجاليات اليهودية في القدس، عندما أراد التحذير من الاتفاق الموقت الذي كان قد وقع قبل أسابيع في فيينا. ولكن إذا نظرنا اليوم إلى الوراء نجد أن هذا الاتفاق يبدو أقل سوءاً مما كان يبدو سابقاً. الآن الاتفاق النهائي هو الذي يدفع نتنياهو إلى توقعات كارثية، وفقط بواسطتها يستطيع تبرير الحرب الشاملة التي يشنها على الرئيس أوباما ودعوته غير المسبوقة، بأسلوبها وليس في مضمونها، اليهود إلى الوقوف إلى جانبه في المعركة.
•وليست المسألة تلاعباً بلاغياً فقط، ففي هذا الموضوع يتحدث نتنياهو أيضاً بلسان جده بن تسيون نتنياهو الذي عاش في نيويورك أيام المحرقة وكرّس نفسه منذ البداية لتعبئة الرأي العام اليهودي ضد الإدارة الديمقراطية لفرانكلين روزفلت، التي برأيه تخلت عن يهود أوروبا. وعزا نتنياهو الأب لنفسه تعبئة الجمهوريين إلى جانب اليهود، وكشفه تقاعس وتخاذل الزعامة الليبرالية للجالية برئاسة الحاخام الاصلاحي ستيفن فايس التي بحسب رأيه كانت تنفذ رغبات الرئيس.
•هذا الحديث التاريخي بدا في نظر الكثير من الأميركيين بمن فيهم اليهود وخاصة الشباب، مملاً وخارج سياق الزمن الحاضر، لكنه يدق على عصب حساس لدى الزعامات اليهودية والنشطاء الأكبر سنّاً الذين عاشوا في شبابهم وبين عائلاتهم الشعور بالذنب لدى أهلهم. ويبدو أن الحاجة إلى التكفير عن الذنب الذي دفع يهود أميركا إلى تجنيد أنفسهم لإنقاذ يهود الاتحاد السوفياتي قبل 40 عاماً لم يختف بعد. إن أغلبية اليهود لا يتأثرون بنتنياهو أو بأنصاره الجمهوريين أكثــر من السابـق، لكنهــم يجـــدون صعوبـة في مواجهة معادلة إيران = النازية، وقسم "بألا تحدث المحرقة مرة أخرى".
•تتسبب هذه المواجهة بشرخ داخلي وسط الجالية اليهودية ولا سيما في جناحها الليبرالي، بينما يرى المؤيدون المحافظون لنتنياهو وربما هو نفسه في ذلك فائدة إضافية. فالعديد من الليبراليين يجدون صعوبة في التوفيق بين خوفهم من اتفاق قد يؤدي إلى "حرب رهيبة" كما قال نتنياهو أمس، ومواصلة دعمهم للأجندة العامة لأوباما وبين خوفهم من الوقوف في معسكر واحد مع أعدائه الجمهوريين والصقور والمحافظين. يظهر منتقدو الاتفاق كأنهم دعاة حرب، في حين يُتهم المؤيدون له بأنهم ينفذون رغبات الرئيس مثل ستيفن فايس في وقته.
•حرب الإخوة هذه برزت بالأمس على شاشات التلفزيون أمام جمهور من ملايين الناس من خلال المعركة الدائرة بين إيباك وجي- ستريت.
•يستمد نتنياهو تشجيعاً من استطلاعات الرأي العام التي أشارت إلى انجراف معين ضد الاتفاق سواء وسط الجمهور الأميركي بصورة عامة أو وسط اليهود. وفي هذه المرحلة، فإن التقدير العام هو أن الحملة ستنتهي بانتصار معنوي إذا صوّت الكونغرس ضد الاتفاق، وبفشل عملي إذا لم ينجح الكونغرس في جمع ما يكفي من الأصوات للتغلب على الفيتو الرئاسي. وحتى الفوز في المرحلة الأولى ليس مضموناً إذ يجب على معارضي الاتفاق أن يجندوا إلى جانبهم ستة "منشقين" ديمقراطيين في مجلس الشيوخ للوصول إلى أغلبية 60 صوتاً ضد. في هذه الأثناء وفيما كان نتنياهو يلقي خطابه، أعلن ثلاثة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ دعمهم للاتفاق هم برباره بوكسر الليبرالية من كاليفورنيا، وتيم كاين من فرجينيا، وبيل نيلسون من فلوريدا الذي صدّ ضغوطاً كبيرة من اليهود في ولايته.
•لقد كرر نتنياهو بالأمس أن النزاع ليس شخصياً، لكن ثمة شك في أنه يؤمن بذلك. وامتناعه عن توجيه النقد الشخصي المباشر إلى أوباما لم يخفف من الرد الحاد على أقواله اللاذعة ضد الاتفاق التي اعتبرت بمثابة وقوف شامل إلى جانب الجمهوريين، دليل على استعداده "لتحريض يهود اميركا ضد رئيسهم" بحسب قول ناشط ديمقراطي رفيع. يستخدم نتنياهو جميع أسلحته ولا يتردد في استخدام سلاح يوم القيامة، والسؤال هو: كيف سيواجه أضرار هذه الحرب المدمرة بغض النظر عن نتائجها؟