الاتفاق النووي مع إيران والكونغرس: لا شيء مضمون
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•قبل ستة أسابيع من القرار الذي سيتخذه الكونغرس، يتضح أكثر فأكثر أن الطريق إلى إقرار "اتفاق فيينا" سيكون أصعب من المتوقع، وثمة شك كبير في أن ينجح الرئيس باراك أوباما الذي وظف كل هيبته وموارده الرئاسية في مسعى التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران بشأن الموضوع النووي بأي ثمن، وفي تحقيق ما يعتبره هدفاً مركزياً في إرثه السياسي.

•إن جوهر النضال الذي يصل في هذه الأيام إلى ذروته من أجل الحصول على أصوات أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين المترددين (نحو 13 منهم يجب أن ينضموا إلى كتلة الجمهوريين لسد الطريق أمام الفيتو الرئاسي المنتظر)، يؤثر بصورة مباشرة على النقاش المحتدم الدائر الآن وسط الرأي العام الأميركي بشأن هذه القضية. ويجب ألا ننسى أن نمط تصويت المشرّعين الأميركيين في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب يفرض عليهم أن يبقوا حساسين وأن يصغوا إلى المزاج العام الذي يسود الساحة السياسية، والذي وضع أكثر من مرة أمامهم حدوداً وخطوطاً حمراء. ففي النهاية، إذا كان هؤلاء يريدون المحافظة على البقاء في الحياة السياسية، فإنه يتعين عليهم أن يعكسوا بأمانة تطلعات ناخبيهم وألا ينقطعوا عنهم بطريقة أحادية الجانب.

•وإذا كان ارتسم في البداية انطباع بأن أغلبية الجمهور مع "اتفاق فيينا"، فإن الصورة اليوم بعد اتضاح خطوط الاتفاق العريضة تغيرت بسرعة وبصورة دراماتيكية حيال ما أخذ يبدو أكثر فأكثر خضوعاً غير مشروط لطهران. ودليل بارز على ذلك استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة الـCNN الأسبوع الماضي وأظهر أن 52% من الجمهور الأميركي يعارضون الاتفاق، في حين أن 44% يؤيدونه، على الرغم من أن الصورة كانت معكوسة فور توقيع الاتفاق. كما تشكل النتيجة التي أظهرتها استطلاعات أخرى بأن ثلثي الجمهور يؤمنون بأن "اتفاق فيينا" لن يمنع إيران من تطوير سلاح نووي، مدماكاً أساسياً في مجموعة آراء ومواقف إذا تبلورت وازدادت في الأسابيع المقبلة فإنها ستضع حاجزاً لا تستطيع الإدارة تخطيه عشية الحسم.

•أما في ما يتعلق بجذور هذه النتيجة فهي تعود إلى جلستي استماع؛ الأولى جرت أمام لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، والثانية أمام نظيرتها في مجلس النواب، وتسببتا بضرر كبير للبيت الأبيض، فقد انكشف خلالهما من بين أمور أخرى أن الاتفاق تضمن "صناديق سوداء" كثيرة مخفاة عن أنظار الجمهور وحتى عن أنظار الكونغرس (وعن جزء من كبار المسؤولين في الإدارة). وعلى هذه الخلفية ليس من المفاجئ أن الأصوات التي تعلو من الساحة الأميركية المنددة بالاتفاق آخذة في الازدياد. وليس من المستغرب أن معلقين، ليس فقط من المعسكر المحافظ، يثيرون اليوم مجدداً سوابق تاريخية غير قليلة، القاسم المشترك فيها جميعاً، السذاجة والتفاؤل الزائد والايمان الغامض لزعماء الولايات المتحدة بقدرة الكلمة المكتوبة على بلورة أنماط سلوك [مختلفةٍ] لدى أعداء أيديولوجيين متصلّبين مثل الاتحاد السوفياتي.

 

•إن نظرة أوباما إلى أهمية مبادرات وخطوات بانية للثقة أحادية الجانب للولايات المتحدة حيال إيران، ينظر إليها اليوم على أنها شبيهة بمساعي الرئيس فرانكلين روزفلت لإقامة شراكة حقيقية مع الاتحاد السوفياتي أيام ستالين على أساس تنازلات أميركية مفرطة ومثيرة للدهشة (ولا سيما في ما يتعلق بالشأن البولندي). وعلى صعيد العلاقات بين الدول العظمى، تسببت هذه الاستراتيجية التصالحية إلى نشوب الحرب الباردة، ويبقى أن ننتظر ما إذا كانت سذاجة الرئيس الأميركي الـ44 ونزعته التصالحية ستؤدي مستقبلاً إلى نشوب حرب كارثية.