من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد مرور ستة أيام على الهجوم الإرهابي لـ"داعش" في سيناء، لا تزال صورة الوضع غير واضحة تماماً. صحيح أن التنظيم لم ينجح في السيطرة على بلدة الشيخ زويد لمدة طويلة كما كان قد خطط له، وأن عدد الخسائر التي أوقعها في صفوف قوات الأمن المصرية أقل مما قيل في البداية، لكن "ولاية سيناء" استطاعت أن تشن هجوماً واسعاً ومنسقاً ضد عدد كبير من الأهداف. والأهم من ذلك هو المفاجأة المطلقة التي أحدثها الهجوم والاهتمام الدولي الذي أثاره (بعد أيام قليلة من اغتيال المدعي العام في مصر، وهجومي تونس والكويت)، ونجاح التنظيم في زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في مصر أكثر، وفي طرح تساؤلات بشأن قدرة حكم الجنرالات على الصمود.
•بالاستناد إلى البيانات الرسمية للسلطات المصرية، فقد قتل في الهجوم 23 عنصراً من قوات الأمن المصرية، بينهم ستة قضوا في الأيام التي تلت المعركة. كما أعلنت القاهرة أنه جرى طرد المتشددين الإسلاميين من منطقة الشيخ زويد، ويستمر صدور البيانات التي تتحدث عن مقتل عشرات المسلحين يومياً. من المحتمل أن تكون التقارير التي صدرت فور وقوع الهجوم والتي تحدث أحدها عن مقتل 64 جندياً وشرطياً مصرياً مبالغاً فيها، وهي تعود بصورة جزئية إلى أن بعض الإرهابيين كان يرتدي ثياب الجيش المصري خلال الهجوم. لكن على الرغم من ذلك، فليس من المستبعد أن تكون الأرقام الرسمية غير دقيقة تماماً. وثمة مصلحة واضحة للقاهرة في الإيحاء بأن الأمور تحت السيطرة، وتجلى ذلك في الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى سيناء وإعلانه نية النظام مواصلة الحرب بلا هوداة ضد التنظيمات الإرهابية.
•في نهاية الأسبوع أطلق مقاتلو "داعش" في سيناء ثلاثة صواريخ سقطت في أراض مفتوحة في النقب الجنوبي. صحيح أن إسرائيل ليست الهدف الأساسي للتنظيمات الإرهابية في سيناء، لكن إطلاق الصواريخ كما الهجوم المفاجئ ضد قوات الأمن المصرية على مسافة قصيرة نسبياً من الحدود الإسرائيلية - ذكّرا بالخطر المحتمل من ناحية شبه جزيرة سيناء. وعندما كان عناصر "داعش" في سيناء لا يزالون يتماهون مع تنظيم القاعدة، قاموا بسلسلة هجمات على أراضي إسرائيل (بينها الهجوم في عين نتفيم في صيف 2011، ومحاولة جريئة في منطقة كفر سالم قبل نحو سنة)، إلى جانب عشرات حوادث إطلاق النار التي كان بعضها موجهاً ضد منطقة إيلات. وعلى افتراض أن مصر وإسرائيل لم تكونا على علم مسبق بالهجوم الإرهابي في الأسبوع الماضي، فإن هذا دليل على ثغرة استخباراتية. وفي الواقع، لا تزال إسرائيل تفتقر إلى معلومات عن التنظيمات السلفية، وهي عدو جديد نسبياً بالمقارنة مع "حماس" وحزب الله، أو عن الجيش السوري الذي جمعت معلومات عنه طوال سنوات عديدة.
•يختلف خطر "داعش" على الحدود المصرية عن الظروف على حدود سورية، ففي الشمال ليس هناك تقريباً وجود لـ"داعش" في منطقة الحدود التي تسيطر عليها تنظيمات المتمردين السنة الأكثر اعتدالاً. وفي المقابل، لم يبق للسلطة المركزية في سورية أي سيطرة على منطقة الحدود مع إسرائيل، وبالتالي لم تعد لديها أي حافز لطرد المتمردين من هناك. أما في الجنوب، فإن وضع الحكم المصري أقوى بكثير، لكن عناصر "داعش" أكثر قرباً من حدود إسرائيل، والحملة المصرية ضدهم برغم التصريحات الصارمة، لم تنته بالحسم.
•وبالمقارنة مع الوضع في الشمال، فإن حرية تحرك إسرائيل في الجنوب رداً على هجوم ضدها، محدودة للغاية. فمصر اليوم حليفة مهمة جداً لإسرائيل في المنطقة. وإذا ردت إسرائيل على إطلاق "داعش" صواريخ من سيناء، فإن هذا سيشكل خرقاً للسيادة المصرية. لذا، وعلى الأقل ما دامت الصواريخ لا تتسبب بإصابات، فإن إسرائيل تفضل ضبط النفس.
•لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في سيناء مدى تعقيد الوضع في الجبهة الجنوبية التي ينشط فيها لاعبون كثر لديهم أهداف متضاربة بعضها خفي عن الأنظار. إنها معادلة تشمل أربعة مجاهيل على الأقل. ففي سيناء "داعش" يطلق النار وإسرائيل تلتزم الهدوء كي لا تدخل في نزاع مع مصر. وفي غزة تنظيمات سلفية بعضها مرتبط بصورة غير مباشرة بـ"داعش"، تطلق الصواريخ من فترة إلى أخرى على إسرائيل. صحيح أن إسرائيل تحمّل "حماس" التي تسيطر على القطاع مسؤولية القصف، لكنها ترد بصورة محدودة جداً انطلاقاً من فكرة ان "حماس" ليست معنية في الوقت الراهن بمواجهة مباشرة معها، ومن الأفضل حثها على كبح جماح الفصائل الأكثر تشدداً. لكن في الوقت عينه، تتهم إسرائيل "حماس" بمساعدة "داعش" في سيناء، وتنشر معلومات استخباراتية عن العلاقات الجيدة بين التنظيمين، الأمر الذي يبدو محاولة لتشويه سمعة "حماس" إزاء مصر.
•ما الذي تريد إسرائيل تحقيقه من وراء ذلك؟ ثمة شك في أن تكون حكومة نتنياهو التي اكتوت بحرب غزة التي نشبت قبل سنة، معنية فعلاً بإشعال حرب بين مصر و"حماس" على خلفية هجوم "داعش" الإرهابي في سيناء، لذا لا بد أن تكون هناك أهداف أخرى للخطوة الإسرائيلية. ومن المحتمل أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع يعتقدان أن ضغطاً مصرياً إضافياً سيعيد "حماس" إلى الخط المستقيم وسيكبح أيضاً اطلاق الصواريخ العشوائي من القطاع على إسرائيل. كما أنه من المحتمل أن المعلومات التي نشرت جاءت على خلفية الانقسام العميق والمتزايد بين الذارع العسكرية والذراع السياسية في "حماس".
•منذ الحرب [في صيف 2014] يرفض محمد ضيف وأتباعه الالتزام بأوامر إسماعيل هنية وكبار مسؤولي المستوى السياسي. لذا، من المحتمل أن تكون الادعاءات الإسرائيلية محاولة لتشجيع هنية على التحرك. وربما، إذا ما برز رب بيت حقيقي في غزة، تسنح فرصة ضئيلة لإدخال القليل من النظام على الوضع الخطر السائد في القطاع منذ الحرب.