غزة أولاً: يتعين على إسرائيل القيام بمبادرة سياسية جديدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•شهر رمضان 2015 شهر عنيف. فقد شهد هذا الشهر مقتل سياح في تونس، ومصلين في الكويت، وجنود مصريين في سيناء، وتعاظم موجة الارهاب في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].

•خلافاً لما حدث قبل 42 عاماً [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، لا تلوح في الأفق حرب رمضان [جديدة]. كما أنه ليس هناك احتمال لأن يغزو جيش تقليدي كبير تابع لدولة شرق أوسطية دولة شرق أوسطية أخرى، لكن في العالم العربي كله تظهر أعراض العنف وعدم الارتياح وغياب الهدوء.

•إن الفشل الذريع للربيع العربي يؤكد فشل المشروع القومي العربي ويؤدي إلى شعور عرب كثيرين بالغضب والإحباط. 

وفي أوقات الأزمات يجري التعبير عن هذا الشعور من خلال التطرف، وهو يغذي متشددي "داعش" و"حماس" وسائر المتطرفين الآخرين. لا يمكن معرفة أين سيحدث الانفجار المقبل وأي نظام سينهار في الفترة المقبلة، لكن من الواضح أن رمضان هذه السنة ليس مريحاً ولا يبشر بالخير.

•صيف 2015 هو صيف مرور سنة على عملية "الجرف الصامد". إن الحرب التي خبرناها العام الماضي جاءت نتيجة انهيار عملية السلام في آذار/مارس 2014، وبسبب عدم استبدالها بعملية بديلة، ونتيجة الفراغ السياسي. لكن يبدو أن الزعامات الوطنية لدى الشعبين لم تتعلم شيئاً، فالفراغ السياسي الذي أدى إلى "الجرف الضامد" ما يزال قائماً بعدها. ولا وجود لعملية سلام إقليمية ولا عملية سلام محلية. لا شيء موجود سوى الفراغ. وفي هذا الفراغ يؤجج التطرف الفلسطيني التطرف الإسرائيلي، كما يؤجج التشدد الإسرائيلي التشدد الفلسطيني.

•إسرائيل نفسها ولوحدها لا تستطيع شفاء الشرق الأوسط. فليست المستوطنات هي التي تدفع بعض العرب إلى قطع رؤوس عرب آخرين بالبلطات. وليس الاحتلال [الإسرائيلي] هو الذي يدفع بالمسلم إلى ذبح مسيحيين لا ذنب لهم على ساحل أفريقيا الشمالية. لقد حان الوقت كي ندرك أننا نعيش في منطقة جغرافية نكبها القدر، لا يوجد فيها حرية، ولا شفقة ولا حقوق إنسان.  وتسود هذه المنطقة التعيسة في السنوات الأربع الأخيرة عاصفة قتل من جرائها مئات الآلاف وأصبح الملايين من دون مأوى.

•لسنا المسؤولين عن هذه الكارثة الإنسانية الفظيعة، ولسنا من يقدر على إنهائها. لكن لا يعني هذا أننا لا نستطيع ان نفعل شيئاً بل على العكس. فالأزمة تنطوي على تهديد ولكنها أيضاً تنطوي على فرصة تفرض على إسرائيل وتسمح لها بالقيام بمبادرة من نوع جديد تملاً الفراغ السياسي الخطر وتحمينا في وجه انعدام النظام والعنف الذي يحاصرنا.

•في قلب هذه المبادرة الجديدة يجب أن يكون قطاع غزة، وكذلك تحالف إسرائيلي مع الدول المعتدلة السنية، مثلاً، إقامة مشروع كبير لتحلية المياه في قطاع غزة يوفر مياه الشرب الأساسية للفلسطينيين عبر الجمع بين التكنولوجيا الإسرائيلية والمال السعودي والعربي والمصري. وإقامة مشروع بناء ضخم في غزة يوفر فرص عمل لشباب القطاع ومساكن لأهله.

•لا سلام مع حركة "حماس" في المستقبل القريب، لكن من المحتمل أن يكون هناك اتفاق عدم اعتداء معها. وفي المستقبل القريب لن تكون هناك ديمقراطية ليبرالية في غزة، لكن من المحتمل أن يكون هناك كيان سياسي معقول يعمل على إنشاء مشاريع تنموية في القطاع ولا يعمل على تطوير وسائل القتال.

 

•إذا تعاونت مصر والسعودية والأردن وإسرائيل والإمارات في الخليج معاً من أجل تحويل قطاع غزة إلى مكان ازدهار وأمل، فإن هذه الدول ستحول دون حدوث حرب غزة المقبلة، وستضع الحجر الأساس لنظام إقليمي جديد يستطيع أن يواجه الفوضى العربية، ليس من خلال سلام طوباوي أو من خلال أوهام، بل بواسطة سلام حقيقي وثابت.

 

 

المزيد ضمن العدد 2163