على الذين ينادون بالتدخل في سورية ألا ينسوا درس لبنان
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•يعرف الجميع كيف تبدأ الأمور، وهي غالباً الرغبة الإنسانية في تقديم المساعدة لجيران فيما وراء الحدود يعانون من ضائقة. هكذا بدأ أيضاً التدخل الإسرائيلي في لبنان، ففي منتصف السبعينيات نشبت الحرب الأهلية وبدأ رجال منظمة التحرير الذين كانوا يسيطرون على الجنوب، بالتنكيل بالقرى المسيحية – المارونية.

•يومها توجه هؤلاء إلى إسرائيل طالبين منها المساعدة الإنسانية، وهي سارعت إلى تلبية الطلب، وسرعان ما تطورت هذه المساعدة الى المجال العسكري. وفي مرحلة لاحقة طلب زعماء الموارنة في بيروت البعيدة، من إسرائيل، زيادة تدخلها ومساعدتهم في عمق لبنان من أجل إنقاذهم من "مذبحة" قد يتعرضون لها على يد المسلمين والسوريين. وفي المقابل تعهدوا لإسرائيل بأن يعقدوا معها حلفاً أخوياً.

•بيد أن إسرائيل اكتشفت أن المسيحيين الموارنة لم يكن في نيتهم البتة أن يعقدوا معها حلفاً حميماً، وهذا ما شرحه زعماؤهم في ما بعد، إذ اعتبروا أنفسهم جزءاً من العالم العربي الذي يعيشون فيه، ونهاية القصة معروفة، فقد اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب ذليلة من لبنان، وتكتشف بعد مرور بضعة عقود أن حلفاءها الموارنة وجدوا صديقاً حقيقياً علقوا عليه آمالهم هو حسن نصر الله زعيم حزب الله.

•لقد اضطرت إسرائيل إلى البقاء في الحزام الأمني في جنوب لبنان عدة سنوات حتى انسحابها منه، بعد أن أدركت أن وجودها داخل منطقة عدوة وبالقرب من سكان شيعة معادين لها ليس خياراً. ويجب أن نتذكر أن الشيعة في لبنان استقبلوا الجنود الإسرائيليين عندما دخلوا إلى لبنان في 1982 بالأرز، لكنهم بسرعة غيروا موقفهم.

•يتعين على إسرائيل أن تتذكر الدرس اللبناني من جديد في كل صباح لدى مواجهتها المعضلة السورية، لأن أي تدخل سواء كان موضعياً أو جزئياً سوف يجر إسرائيل إلى وجود عسكري دائم وسط سكان يرحبون بنا اليوم لكنهم في المستقبل قد يغيرون موقفهم، لأن الدروز السوريين أو مجموعات المتمردين السنة حتى المعتدلون منهم، يعتبرون أنفسهم جزءاً من المحيط العربي والسوري.

•يمكننا أن نفهم استعداد إسرائيل لتقديم المساعدة الإنسانية إلى جيرانها الموجودين وراء الحدود. وسيكون من الأفضل لإسرائيل أن تقيم وسط الفوضى السائدة في الجولان قنوات مع التنظيمات المسلحة العاملة وراء الحدود. لكن هذه المساعدة يجب أن تجري بأعين مفتوحة وبصورة أساسية من دون توقعات وأوهام.

•بعد هذا كله، من الواضح أن إسرائيل مدينة للطائفة الدرزية في إسرائيل، ولذا فإن تقديم المساعدة إلى أبناء الطائفة الدرزية في سورية يجب التفكير به بهدوء وتعقل. وبصورة عامة، من الممكن البحث في تقديم ملجأ للاجئين الدروز في منطقة يجري تحديدها على طول الحدود داخل إسرائيل. 

 

•لكن الدروز في سورية غير معنيين بتاتاً بمساعدة إسرائيل، ويؤكدون أنهم يواصلون اعتبار أنفسهم جزءاً من الدولة السورية. ومن هنا، فإن أي تدخل إسرائيلي يجب أن يتم بأعين مفتوحة ومن دون أوهام أو توقعات غير واقعية. وممنوع على إسرائيل أن تجد نفسها منتشرة عسكرياً داخل سورية، حتى لو، لا سمح الله، وصل تنظيم داعش إلى السياج، أو غيرت جبهة النصرة توجهها وبدأت العمل ضد إسرائيل. ويجب أن تجري محاربتهما من على الحدود وبالاستناد إلى معلومات استخباراتية محكمة. كما يتعين على إسرائيل ألا تنجر إلى داخل سورية، فجموع اللاجئين والسكان السوريين يمكن أن يغيروا موقفهم منا في لحظة.