تنظيم الدولة الإسلامية: الإنجازات والتوقعات
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•نجح تنظيم الدولة الإسلامية في الفترة الأخيرة في مراكمة إنجازات جغرافية ذات أهمية كبيرة ستؤدي إلى سيطرته على منطقة واسعة تمتد من غربي بغداد حتى مدينة تدمر ما وراء الحدود السورية، في وقت يعمل التنظيم على ترسيخ سلطته في شمال وشرق الدولة السورية الآخذة في التفكك. وفي الواقع، فإن احتلال الرمادي غربي العاصمة العراقية، وتدمر في قلب شمال سورية، يشكل قاعدة لخطوات مستقبلية فائقة الأهمية. ويجب ألا نتعجب من أن يكون التنظيم بحاجة إلى الوقت كي "يهضم" المناطق الجديدة التي احتلها، وكي يعالج مشكلة السكان الذين قد يعارضونه، وكي يرسخ سيطرته على سائر المواطنين ويستعد للهجمات المضادة للجيشين العراقي والسوري والقوات المساعدة لهما من الميليشيات.

•ويبدو أنه في العراق وسورية وبصورة خاصة في الولايات المتحدة، أدركوا أنه أصبح ضرورياً البدء بمرحلة الهجمات المضادة، فإذا نجح التنظيم بالصمود في وجه هذه الهجمات فمن الصعب رؤية ما الذي يمكن أن يوقف تقدمه مستقبلاً باستثناء تدخل كبير من جانب الجيش الأميركي، بما في ذلك وحدات برية كبيرة.

•بعد الهجمات المضادة وبدءاً من اللحظة التي سيشعر فيها التنظيم بالثقة في نفسه في البيئة الجديدة، فإنه سيواجه معضلة معروفة في مثل هذه الأوضاع وهي: الآن إلى أين؟ ومثل هذا التنظيم ليس من طبيعته الامتناع عن التحرك لفترة طويلة، وهو بحاجة إلى مواصلة تحركه والتطلع إلى المزيد من الانجازات، ويتخوف من أن يصبح "برجوازياً" بعد فترة تهدئة. ولا أحد يستطيع أن يعرف ماذا سيختار قادته، فمن المحتمل أن يكون هؤلاء أنفسهم لم يحسموا رأيهم ولم ينضج قرارهم، على الأقل حتى تتضح نتائج الهجمات المضادة إذا حصلت.

•من المحتمل أن يكون الجهد "الطبيعي" المقبل للتنظيم هو في اتجاه بغداد من أجل ترسيخ السيطرة على جميع المنطقة الواقعة غربي عاصمة العراق. وسيكون الهدف توجيه ضربة قاسية إلى قدرات الحكومة الشيعية على العمل في المناطق السنية التي احتلها التنظيم حتى الآن، وربما أيضاً التسبب بالانهيار الكامل للحكم الحالي في العراق.

•مما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة ستعرّض الشيعة الذين يسيطرون على العاصمة وحلفاءهم الإيرانيين للضغط بسبب اقتراب التنظيم من المناطق ذات الكثافة السكانية الشيعية ومن المدن المقدسة لدى الشيعة. ومن دون شك فإن مثل هذه الخطوة إذا نجحت ستضع الإيرانيين أمام قرارات صعبة مثل قرار التدخل العسكري بصورة مباشرة.

•ويملك التنظيم خياراً آخر هو التحرك شمالاً في اتجاه كردستان. فإذا نجح التنظيم في السيطرة على المناطق التي يستخرج منها الأكراد النفط، سيحقق بذلك انتصاراً كبيراً يسمح له بإدارة دولة تقريباً وسيضغط بقوة على تركيا. ويبدو هذا الأمر اليوم مغرياً لأن الغرب لم يحرص على تسليح الأكراد كما يجب على الرغم من كونهم الوحيدين الذين قاتلوا التنظيم كما ينبغي.

•ومن المحتمل أيضاً بعد النجاح الكبير في العراق أن يفضل التنظيم ترسيخ سيطرته في شمال سورية، أي السيطرة على حلب وحمص أيضاً. وهذه خطة طموحة نظراً لضخامة المنطقة جغرافياً. لكن على ما يبدو، فإن المقاومة التي سيلقاها التنظيم هناك ستكون أقل من المقاومة في مدينة ضخمة مثل بغداد أو مثل مقاومة الأكراد المسلحين. وإذا نجح في تحقيق ذلك، فإن هذا سيسمح له بإمكانية التحرك ضد الأكراد في الجانب السوري. وسيواجه التنظيم في هذه المناطق جيش بشار الأسد المرهق، ومن المحتمل أن ينضم إلى داعش في هذه المناطق تنظيمات سنية أخرى مما سيمنحه شرعية من السكان المحليين. 

•إن مثل هذه الخطوة سيؤدي إلى تغيير دراماتيكي في موقع الأسد وسيدفع حزب الله إلى استقدام المزيد من قواته. وفي الواقع فخسارة الجبهة الخلفية الاستراتيجية لحزب الله، ووجود الخصوم من السنة بالقرب من مركز الأقلية العلوية ومن منطقة ساحل اللاذقية، معناه تهديد منطقة حيوية بالنسبة لحزب الله وتهديد لمكانة الإيرانيين في سوريا وفي لبنان. ومن أجل المحافظة على ذلك سيفعل الإيرانيون وحزب الله كل شيء، فبالنسبة إليهم هذه معركة وجود. وإذا تمكن تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على المناطق العلوية والشيعية، فإنه سيدمر كل شيء وستكون هذه معركة حياة أو موت وهذا واضح للجميع.

هناك احتمال آخر لا يجذب الاهتمام كثيراً حالياً وفرصته ضئيلة لكنه ليس مستحيلاً. فمن المحتمل أنه من اجل الامتناع عن مواجهة ضخمة مع الشيعة حول بغداد أو مع العلويين وحزب الله على طريق دمشق، أن يوجه التنظيم جهوده نحو عمان. 

•في جميع الأحوال، من الواضح أن التدخل الأميركي لم يقرّب الولايات المتحدة حتى الآن من الهدف الذي وضعه الرئيس الأميركي باراك أوباما أي "القضاء على التنظيم"، لا بل على العكس، فقد ازدادت قوة هذا التنظيم واتسعت منطقة سيطرته منذ أعلنت الولايات المتحدة الحرب عليه. إن الفرصة الأخيرة لاستمرار السياسة الحالية للولايات المتحدة، أي الامتناع عن تدخل قوات أميركية برية كبيرة، مرتبطة بقدرتها على تقديم المساعدة المطلوبة للجيش العراقي في الهجمات التي أعلنها، وربما تقديم المساعدة للجيش السوري.

 

•إن عملية محاسبة النفس الأميركية ستجري بعد هذه المعارك، وبعد أن يتضح ما إذا كانت النجاحات الأخيرة لتنظيم داعش جزء من عمليات الصعود والهبوط المعتادة في مثل هذه المواجهات، أم هي وضعت التنظيم في مستوى مختلف ما سيدفعه إلى محاولة استغلال اللحظة كي يتقدم نحو أهداف أكثر طموحاً.