معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
• يتزايد القلق في المملكة العربية السعودية من إيران، وتتعاظم معه الشكوك في قدرة إدارة أوباما أو استعدادها لكبح تطلعات الهيمنة الإيرانية. وفي المقابل يشتد التوجه السعودي لمواجهة إيران بصورة مستقلة – مع أو من دون موافقة أميركية - حتى لو تطلّبت هذه المواجهة استخدام القوة العسكرية. وأوضح دليل على ذلك المعركة الجوية التي تقودها السعودية ضد اليمن التي أطلق عليها اسم "عاصفة الحزم" والتي بدأت في نهاية آذار/مارس بهدف وقف تقدم الثوار الحوثيين المدعومين من طهران. لم تكن الولايات المتحدة الحليفة المقربة من السعودية تعرف مسبقاٌ بهذه العملية مثلما اضطر للاعتراف بذلك رئيس القيادة المركزية أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ. وفي الواقع، فقد سمع الأميركيون بالعملية قبل 3 ساعات من بدئها، وبعد دعوة الملحق العسكري الأميركي لإطلاعه على تقرير موجز أولي.
• إن مثل هذه الاستراتيجية السعودية المستقلة إزاء لاعبين إقليميين يُشك في أنهم يحظون بدعم إيراني أو على الأقل يساهمون بصورة موضوعية في النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، ليست أمراً غير مسبوق. ففي آذار/مارس 2011 مثلاً جرى ارسال قوات عسكرية سعودية (وقوات إماراتية) إلى البحرين في ذروة الانتفاضة التي قامت بها الأغلبية الشيعية ضد المملكة السنية. لكن هذه القوات لم تدخل في قتال مباشر، ولم تقم بالجزء الأساسي من عملية القمع الجسدي للثوار. ومن هنا يشكل التدخل في اليمن تطوراً في التحرك السعودي النشط الذي مع أنه ليس جديداً إلا أنه من دون شك دراماتيكي.
• يفسر بعض المعلقين هذا التغيير بأنه يعود إلى وفاة الملك عبد الله في كانون الثاني/يناير الماضي وقرار خليفته الملك سلمان، وتقريبه شخصيات ذات طابع عسكري... لكن على الرغم من عدم استبعاد سياسة الملك السعودي الجديد كعامل في قرارات واضعي السياسة، فإن التفسير الأكثر منطقية في زيادة التدخل السعودي هو اقتناع [السعودية] العميق المستند إلى طابع المحادثات التي تجري مع إيران بشأن الموضوع النووي، بأن الولايات المتحدة مصرة على التوصل إلى تسوية واسعة النطاق مع إيران (يبدو بحسب الظاهر أنها يمكن ان تتطرق إلى مسائل إقليمية إضافية). وبلغ تراجع ثقة السعودية ودول الخليج في أن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحهم حدّاً باتت معه هذه الدول تلمح إلى نيتها تقديم دعم أكبر إلى القوات الإسلامية التي تحارب بشار الأسد في سورية، هذه القوات نفسها التي تعهدت الولايات المتحدة "باحتواءها والقضاء عليها في نهاية الأمر". وقد دفع التخوف الأميركي من ابتعاد السعودية ودول الخليج الرئيس أوباما إلى الدعوة لعقد قمة مع زعماء دول الخليج في 13 أيار/مايو من أجل إحباط معارضة عربية للاتفاق النووي الآخذ في التبلور مع إيران.
• تعتبر إسرائيل، مثل السعودية وسائر دول الخليج، إيران، العدو الأكثر خطراً بالنسبة إليها، ولديها شكوك كبيرة بشأن مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة في ظل إدارة أوباما تشكل دعامة موثوقاً بها. وانطلاقاً من هذه النظرة، تميل أوساط معينة في إسرائيل إلى اعتقاد أن التنسيق الاستراتيجي وتوطيد العلاقات مع السعودية ودول أخرى قريبة منها تحولا إلى هدف سياسي مهم. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذا الأمل في الظروف الحالية يتجاهل حقيقة أنه برغم تخوف أغلبية الدول العربية السنية من إيران وكراهيتها لها، فإن ذلك لم يقلل من كراهيتها لإسرائيل برغم أنها أقل تخوفاً منها. ويعود هذا إلى التضامن العربي مع الفلسطينيين. وبناء عليه، فحتى العلاقات الديبلوماسية العادية التي ما تزال تقيمها أغلبية الدول العربية مع إيران، لن تحصل بينها وبين مع إسرائيل. وفي الواقع، فإنه حتى الإسرائيليون الذين يعتبرون أنفسهم واقعيين، وبخاصة في أوساط اليمين السياسي، فهم يفضلون تجاهل "الفيل الفلسطيني" في حجرة العلاقات الإسرائيلية - العربية، لأنهم آخر من يقبل البحث في تغييير جوهري ما في موقف إسرائيل الحالي من المشكلة الفلسطينية.
• من المحتمل جداً أن تساعد التقديرات المتشابهة للخطر [الإيراني] في نشوء اتصالات سرية بين المستويات الأمنية في إسرائيل وجزء من الدول العربية القلقة من السيطرة الإيرانية، مع احتمال توسيع العلاقات بينها وبين إسرائيل. لكن القيمة المضافة بالنسبة لإسرائيل لعلاقات قوية وأكثر علنية مع دول الخليج ليست أمراً مفروغاً منه. وثمة أساس كبير لاعتقاد أن الفوائد التي تنطوي عليها ضئيلة ولا تبرر مراجعة النفس والتوترات السياسية الداخلية التي قد يثيرها التوجه الإقليمي المستقبلي في الساحة الداخلية – الإسرائيلية.
• علاوة على ذلك، وبغض النظر عن التوجه الإقليمي، فإنه لا يمكن تحقيق تلك الفوائد من دون تقدم واضح في المسألة الفلسطينية. أو إذا كان هذا غير ممكن، من دون رؤية أكثر إقناعاً بأن العائق الأساسي ليس الجانب الإسرائيلي، مثل الإعلان من جديد عن الالتزام الإسرائيلي بحل الدولتين، وتبني مبادئ المبادرة العربية للسلام، وتقييد البناء في المستوطنات. لكن تقديم مثل هذه الخطة يتطلب إدخال تغييرات في سياسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي لا تظهر استعداداً لتبني مثل هذه الخطوات.
• في إمكان الذين يتباهون بموقفهم الواقعي القول بأن "ثمناً فلسطينياً" لا يساوي "الفائدة الإقليمية"، لكن يتعين عليهم ألا يغرقوا في الأوهام القائلة بأن مشاركة إسرائيلية في رد إقليمي على تهديدات تصل إلى أبواب إسرائيل أيضاً، أي التحدي الإيراني، والإسلام المتشدد، والضعف الأميركي وكل تهديد إقليمي آخر، يمكن أن يكون بديلاً من التقدم في المسألة الفلسطينية، لا نتيجة له.